حدثَ الاختلاف حول الكتلة الاكبر قبل عشر سنوات في العراق ولم يجد حلاً ، ذلك انّ النصوص الدستورية مطاطية رخوة قابلة للتشكيل الهوائي، في سابقة لاتعرفها دولة في العالم، كان لها دستور أو لم يكن.
المعضلة في العراق سياسية تشبه الى حد التطابق الحرفي مع المثل القائل (تريد أرنباً خذ أرنباً، تريد غزالاً خذ أرنباً)، وهي معضلة ليست دستورية، ذلك انّ الدستور برغم نواقصه ومواطن الغموض فيه، قادر على السير بالوضع الى مسافة مقبولة بدل أن تكون الامور سائبة حتى النهاية، لكن برغم ذلك لم يعر أحد أهمية للدستور.
مشكلة الكتلة الاكبر ستبقى فخّاً مستداماً يجد دائماً مَن يرعي وجوده وبقاءه ، لأنّ الجميع بحاجة الى هذه المعضلة للاستخدام المؤجل، وهنا أيضاً وضع شاذ ومقلوب، إذْ في كل العالم توضع المواد الدستورية المفتاحية لحل معضلات محتملة مقبلة ، إلاّ في العراق يتم الاحتفاظ بالمعضلة في مكان أمين بعيداً عن التداول في انتظار الحاجة الملحة لها، للتحكم في استخدامها بوصفها حلاً.
سيتم تجاوز قضية الكتلة الاكبر، لأنّ هذه المعضلة تتوافر على الحل داخلها، وهو الحل الناجع لحاجة الكتل والاحزاب.
الأزمة سوف تنتقل الى الشارع على نحو أقوى وبسرعة كبيرة، لأنّ المسار السياسي في اختيار ملء الشاغر يفترق عن حركة الملايين في البلد، إذ لايعي أحد من الطبقة السياسية خطورة ما يجري، ربّما بفعل الضمانات الاقليمية والدولية التي يثقون بها، وهذا أيضاً من نتاج القصور الشديد في عقولهم السياسية، ذلك انّ الصورة التي يرونها من وقوف دولي معهم هي الطبقة الاولى في صورة تراكبية أشد تعقيداً من أن تدركها مخيلاتهم المصممة على مسارات فساد المناصب والولاءات الخارجية.
لذلك يبدو انّ الاحداث العاصفة في العراق الجريح، برغم مئات القتلى وآلاف الجرحى، لم تبدأ بعد.
[email protected]