حرب الكمامات وخفايا المختبرات
يبدو أن التسونامي الهائل الذي صنعه فايروس كورونا المراوغ ، لم يشارك كثيراً في عملية تطهير وتعفير القلب الانساني الجمعي ، بغية جعله قلباً نبيلاً بشرياً عاقلاً ، ينظر الى مصيبته ويتوجع بنفس الطريقة التي ينظر بها الى جاره وأخيه في الانسانية وشريكه على الأرض ، وهما بمواجهة شرسة مع عدو قوي لا يميز بينهما أبداً .
المشهد المتوحش هذا صار شديد الوضوح في أمريكا والغرب الرأسمالي الصرف ، أكثر من توحشه في الشرق عموماً ، حيث ما زالت مفردات التكافل والتضامن والتساند ، تشكل الجزء الأعظم من المشهد هنا ، إذا ما قورن بحرب معلنة وخفية قائمة الآن في الغرب الأعظم ، وأسرار ظهورها هو الجشع وفقدان الآدمية والركض السريع صوب نظرية الخلاص الفردي ، والفردية هنا لا تعني بالضرورة كائناً واحداً ، بل هي دولة واحدة تريد أن تغطي كل جسدها بلحاف النجاة الكبير ، حتى لو أدى ذلك الى سحب كل هذا الطوق وفرشه على جسدها الأناني القبيح ، كما مجموعة أطفال قساة وأغبياء يتعاركون على لحاف الأم الوحيد !!
بعد شهور قليلات من زمان كورونا الأعجف ، نزع اللاعبون الكبار كل أقنعتهم المزيفة ، وبانت معادنهم واصولهم والطين الشيطاني الذي خلقوا منه وتخلقوا به ، فمن حرب المختبرات السرية التي تنشد دواء سحرياً حاسماً لقتل الوحش الكوروني ، ومن ثم احتكار هذا الكشف وبيعه على الآخرين مثل برميل نفط عزيز ، الى حرب الكمامات وقرصنة بيعها وتغيير بوصلتها ووجهتها ، ومثالها الأقذر ما وقع بين أمريكا وفرنسا وألمانيا !!
الاتحاد الاوربي يتضعضع والوحدة الاقتصادية تتآكل ، وعساكر الغزاة والمستعمرين تلملم أغراضها وتهرب لتعود الى الديار ، ولغة الأرقام اليابسة تتسيد المشهد ، ودوني ترامب يفضل الآن موت بضعة ملايين من الأمريكيين الثانويين كما يرى ، على اغلاق المصانع والتجارة وتكثيف العمل بنظرية الانقاذ المسماة التباعد الاجتماعي الذي يحول البيوت الى ملاذات آمنة ممكنة بمواجهة مصير ملغز لا يعرف له منبع أو دليل !!
أشياء عجيبة حدثت وسيقع الأعجب منها قريباً في مشهد التغيير الكوني المنتظر ، حتى كأننا أمام عتبة جملة غريبة سنقولها بعد حين قليل :
شكراً كورونا !!!
ترددات نوا