ولقد شاهدتُ الليلة الرئيس الهائج المائج دونالد ترامب ، كما لو أنني أتفرج على فلم هوليودي بطله مزروع ببطن بنك سمين ، وهو يطلق النار على اليمين فيأتيه الرد من الشمال ، فيفز ويرتعب ويصنع حوله دائرة طلقات ، فتمطر عليه مثلها من كل صوب ، وعندما يعرض عليه صاحب الشرطة التعقل ويمنحه فرصة مجانية للاستسلام ، يرد المجنون بأصبعه الوسطى ويوجه فوهة مسدسه الى رأسه ، فيخرج صوت نهاية الفلم مضرجاً بدم الحماقة .
في بداية فصل كورونا اللعين ، جلس ترامب على كرسي ووضع رجلاً على رجْل ، ورسم ابتسامة رضا على وجهه الشاسع ، وهو ينظر الى شارع الصين وعداد الضحايا وحشود المصابين ، حتى سولت له نفسه المريضة بأن التنّين قد مرض وربما سيسقط ، وساعتها ستحصل أمريكا بقيادته على اتفاقية تجارية رابحة ومنعشة مع خصمه الاقتصادي ، وعندما يرسم فوق ورقها الكثير توقيعه الطويل ، يكون قد دقَّ طابوقة الأساس نحو ولاية ثانية مريحة بين جدران البيت الأبيض العتيق !!
لم تسر الأمور كما اشتهى الرئيس التاجر غليظ القلب ، حيث تعافى التنين الصيني العبقري القوي ، وطار كورونا وعبر المحيط والبحر والنهر ، وملأ الشاشة الأمريكية وأختها الافتراضية الاوربية ، بمئات الاف الضحايا والمصابين ، حتى وضع الرجل يده على قلبه وكرسيه المهتز ، وصار يتصرف مثل زعيم أثول من زعماء العالم الرابع البائد !!
في أولها قال انها فلاونزا عادية وسترحل ، وعندما كبر مشهد الضحايا قال انها لعنة صينية متعمدة . بعد أيام فتح نار الكلام الثقيل على منظمة الصحة العالمية واتهمها بالعمالة والانحياز الى الحزب الشيوعي الصيني الذي خنق كورونا وجعلها في خبر كان !!
البارحة قال ان الصين كذابة ، وان عدد ضحاياها اكثر من عدد الضحايا في بلاده ، وتمادى بلعبة الأرقام على الرغم من أنَّ الشاشة المعلقة على يمين المنظر ، كانت تركض بسرعة صوب المليون بين ضحية واصابة مؤكدة ، وعندما ارتفع ضجيج حكام الولايات وخصومه المجانين مثله في الحزب اليمقراطي الذي بدا في حال التشفي المريض العجيب ، حسم الزعيم المترنح المعمعمة وأفتى بفتح الاقتصاد الامريكي من جديد ، بعد ان عرف من فريقه الطبي ونائبه المرتبك ، أن عدد الموتى لن يتجاوز الستين الفاً على كل حال !!
الأرض قبل كورونا سوف لا تشبه الأرض بعدها ابداً ، خاصة بباب التحالفات والاولويات والحروب والصناعات والأخلاق ، والسفن المجنونة التي ستعود قريباً الى الديار .