تهديد الحكومة

ساطع راجي

22/08/2019

يتسابق الزعماء السياسيون في توجيه النقد واللوم للحكومة والى حد التهديد بسحب الثقة عنها، ويبدو هذا التهديد وكأنها عدوى انتشرت تحديدا بين القوى التي شاركت في تشكيل الحكومة بل ان نبرة التهديد تعلو كلما كان دور صاحب التهديد كبيرا في تشكيل الحكومة.

نعرف جميعا ان تشكيل الحكومات في العراق صعب جدا، وربما لولا وجود سقوف زمنية دستورية لطال تشكيل اي حكومة اعواما، ولذلك فإن ادعاءات تغيير الحكومات ليست جادة دائما وعليه فإن التهديد بتغيير الحكومة هو غالبا محاولة للتنصل من المسؤولية تهربا من المحاسبة الجماهيرية واحيانا يكون التهديد عبثا اعلاميا لتقمص دور الغاضب الذي يدافع عن مطالب المواطنين، ويكون اداء التهديد مفضوحا حين يكون للزعيم المهدد او المنتقد اكثر من وزير في الحكومة بشكل مباشر او غير مباشر ولا يتطرق لإدائهم من قريب او بعيد، ولا يوجه هذا الزعيم كتلته المكونة من عشرات النواب للقيام باي استجواب ولا هو يقدم مقترحا لقانون يسهل عمل الحكومة فعلا او يخفف من اعباء المواطنين ويكون قانونا واقعيا لامزايدات فيه.

التهديدات المتلاحقة بإسقاط الحكومة تعيدنا الى الدائرة القديمة عن لعب دوري الحكومة والمعارضة في نفس الوقت وهو ما يعني المزايدة على اي دور لقوى من خارج السلطة وقطع الطريق عليها وحماية الذات الحاكمة الحقيقية من النقد على اعتبار انها اول من وجهت "سهام النقد" وطالبت ب"التغيير".

لنتذكر ان رئيس الوزراء الحالي بلا كتلة نيابية وتم استدعاؤه من قبل القيادات السياسية للكتل للقيام بالمهمة، واذا كانت هذه القيادات غاضبة او غير راضية عن الاداء فعليها اعلان نقاط غضبها ومعالجتها برلمانيا والا كان موضوع غضبها مما لا يمكن الاعلان عنه او انه غضب مفتعل للتسويق الاعلامي، وبما ان الاتفاق على رئيس وزراء صعب فالاحرى بالقادة الغاضبين تغيير الوزراء المقصرين او الفاشلين بدلا من الاستمرار بالتهديد الذي سيكون اذاه مضاعفا فيما لو صوت النواب فعلا في يوم ما خلال السنوات الاربع على سحب الثقة لنبقى في حكومة تصريف اعمال لا يمكن حتى استجواب اي مسؤول فيها لزمن طويل.

وفي كل الاحوال علينا ان لا ننساق لتمارين التهديد الغاضبة لأن عملية سحب الثقة من الحكومة تستغرق زمنا واجراءات والاهم تحديد موضوع او اكثر لإستجواب رئيس الوزراء، وهي خطوات لن يقدم عليها مفتعلو الغضب حتى لا يتعرضون للفضيحة كما انهم لن يعرضوا وزرائهم للاطاحة ولذلك هم غالبا ما يوجهون نقدهم لرئيس الوزراء فقط دون تلميح لدور وزرائهم معتمدين على عبارة "حكومة عبدالمهدي" المسكوكة للتداول الاعلامي وليس للتعبير عن الواقع، فكل ما يعرضه الزعماء هو نقد عام ومبهم للاداء، نقد دون قضايا وبالتالي دون حلول، وايضا دون ان يواجهوا بعضهم بعضا.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group