مراسلون بلا حدود: الكراهية ضد الصحافيين ينقل عدواها بعض القادة السياسيين

22/04/2019 العالم

اكدت منظمة "مراسلون بلا حدود"، أن وتيرة الكراهية ضد الصحافيين قد تصاعدت إلى درجة جعلتها تبلغ حد العنف، مشيرة الى ان  الأمر أدى إلى تنامي الشعور بالخوف، موضحة إستمرار تقلص دائرة البلدان التي تعتبر آمنة، حيث يمكن للصحافيين ممارسة مهنتهم بأمان، وبينت المنظمة أن الأنظمة التي " وصفتها " بالاستبدادية تشدد من قبضتها على وسائل الإعلام أكثر فأكثر.

وقيمت "منظمة مراسلون بلا حدود" وفق تصنيفها في نسختها 2019 للتصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي يقيم سنويا حالة الصحافة في 180 بلدا تبين أن آلة الخوف تعمل بأقصى طاقتها مما يقوض بشدة ممارسة الصحافة في ظروف هادئة.

وأشار التصنيف الى انه قد ترتب على العداء المعلن ضد الصحافيين، بل وحتى الكراهية التي ينقل عدواها بعض القادة السياسيين في العديد من البلدان، أعمال عنف أكثر خطورة من ذي قبل وعلى نحو متكرر أكثر من أي وقت مضى، أدى إلى تفاقم الأخطار التي تنطوي عليها مهنة الصحافة، وهو ما خلق مستوى غير مسبوق من الخوف في بعض الأماكن.

من جانبه قال الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود كريستوف ديلوار، إذا انحرف النقاش السياسي بشكل خفي أو جلي نحو جو أشبه ما يكون بالحرب الأهلية، حيث يعد الصحفيون من ضحاياها، فإن النماذج الديمقراطية تصبح في خطر كبير، مبينا أن وقف آلة الخوف هذه ضرورة ملحة بالنسبة لذوي النوايا الحسنة المتشبثين بالحريات المكتسبة عبر التاريخ.

وتميز تصنيف 2019 بتربع النرويج على الصدارة للسنة الثالثة على التوالي، في حين استعادت فنلندا (+2) المركز الثاني، على حساب هولندا (4، -1)، حيث يجبر صحفيان متخصصان في الجريمة المنظمة على العيش تحت حماية الشرطة الدائمة في المقابل تراجعت السويد مرتبة واحدة لتحتل المركز الثالث، بعد تجدد أحداث التنمر السيبراني ضد الصحافيين. وعلى صعيد القارة الأفريقية، حققت كل من إثيوبيا (110، +40) وغامبيا (92، +30) تقدما ملحوظا .

وتواصل العديد من الدول الخاضعة لحكم أنظمة استبدادية وفق المنظمة تراجعها على جدول في التصنيف، كما هو الحال بالنسبة لفنزويلا (148، -5)، حيث يتعرض الصحفيون للاعتقالات وأعمال العنف على أيدي عناصر الشرطة، وروسيا (149، -1) التي تشهد موجة من الضغط المتزايد من الكرملين على شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام المستقلة، التي تطالها اعتقالات وعمليات تفتيش تعسفي، ناهيك عن القوانين السالبة للحريات. من جهتها، فقدت فيتنام (176) مرتبة واحدة، متقدمة بفارق ضئيل عن الصين (177، -1). وفي القرن الأفريقي، تراوح إريتريا ( 1 + 178) مكانها ، رغم تهدئة علاقاتها مع الجارة إثيوبيا، بينما حلت تركمانستان (180، - 2) محل كوريا الشمالية (179، +1) في المركز الأخير.

وتشهد 24٪ فقط من البلدان الـ 180 حالة "جيدة" (المنطقة البيضاء) أو "جيدة إلى حد ما" (المنطقة الصفراء) مقارنة بـ 26٪ العام الماضي. وفي ضوء ترسخ مناخ معاد للصحافة أكثر فأكثر، بسبب تصريحات دونالد ترامب وغيرها من الممارسات، فقدت الولايات المتحدة (48) ثلاث مراتب في عام 2019 لتنضم إلى المنطقة البرتقالية، مما يعكس بوضوح الوضع الإشكالي الذي تعيشه البلاد، حيث لم يسبق أبدا أن بلغت وتيرة التهديدات بالقتل ضد الفاعلين الإعلاميين الحد الذي وصلت إليه في الآونة الأخيرة.

وأصبحت التهديدات والشتائم والاعتداءات وفق المنظمة جزءا من "مخاطر العمل" الصحافي بالعديد من البلدان. فقد شهد عام 2018 مقتل ستة صحافيين في الهند (140، -2)، حيث يوصف منتقدو الأيديولوجية القومية الهندوسية بأنهم عناصر "معادية للوطن" في حملات تنمر سيبراني واسعة النطاق وفي البرازيل (105، -3)، يستهدف أنصار بولسونارو الصحافيين ووسائل الإعلام سواء في الفضاء الافتراضي أو على الميدان.
ويبدو وفق المنظمة أن ملاحقة الصحافيين الذين يزعجون السلطات القائمة باتت تتخذ أشكالا لا حدود لها ، فقد كانت جريمة اغتيال الصحافي والكاتب السعودي جمال خاشقجي بدم بارد داخل قنصلية بلاده في تركيا شهر تشرين الأول الماضي- كرسالة فظيعة إلى الصحافيين والمراسلين في جميع أنحاء العالم، وليس فقط داخل حدود المملكة العربية السعودية (172، - 3)، علما بأن العديد من الصحافيين في المنطقة استسلموا للرقابة الذاتية أو توقفوا عن الكتابة، خوفا على حياتهم.

من جهتها، سجلت أفريقيا أقل تراجع إقليمي في نسخة 2019 من التصنيف العالمي، محققة في المقابل واحدا من أهم التطورات خلال العام الماضي. فقد سمح تغيير النظام في إثيوبيا (110) بإخلاء السجون من الصحافيين مما يفسر القفزة المذهلة التي حققتها البلاد مرتقية بما لا يقل عن 40 مرتبة. وبدورها، استفادت غامبيا (92، +30) من التناوب السياسي للارتقاء بشكل مبهر في سلم الترتيب. لكن التغييرات السياسية لا تصب لفائدة جميع الصحفيين في هذه القارة. ففي تنزانيا (118، -25)، كان وصول جون ماغوفولي (الملقب بـ "البلدوزر") إلى سدة الرئاسة في 2015 مصحوبا بهجمات غير مسبوقة ضد الصحافة. كما سجل تقهقر كبير آخر في موريتانيا (94، -22)، حيث لا يزال المدون الشيخ محمد ولد مخيتير محتجزًا في مكان سري منذ أكثر من عام ونصف، وهو الذي حُكم عليه بالإعدام بتهمة الردة قبل صدور قرار بالإفراج عنه. وفي المقابل، تشهد أفريقيا أيضا استمرار ممارسات سيئة على امتداد السنين، كما هو الحال في جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تُراوح مكانها في المرتبة 154، باعتبارها الدولة الأفريقية حيث سجلت مراسلون بلا حدود أكبر عدد من الانتهاكات خلال عام 2018، في حين يبقى الصومال (164) البلد الأكثر فتكًا بحياة الصحفيين في المنطقة.

وأكدت المنظمة أن المسألة هنا ليست مسألة تقييم السياسات الحكومية للبلدان، إذ يتم احتساب المؤشرات العامة والإقليمية بناء على النتائج المسجلة في مختلف البلدان، علمًا بأن هذه النتائج تقوم على أساس استبيان معياري بعشرين لغة مختلفة، حيث يشارك خبراء من جميع أنحاء العالم في التحليل النوعي، فكلما ارتفع المؤشر، كان الوضع أسوأ. وبفضل انتشاره الواسع، أصبح التصنيف العالمي لحرية الصحافة يمثل أداة أساسية في عملية المناصرة والتأثير على نحو متزايد.

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group