الأحاديث تدور اليوم حول الوزراء المقترحين للحكومة العراقية الجديدة ، وتكاد تكون الاقوال والقناعات والتصريحات والمقترحات مكررة لما كان مفروشا على الطاولات قبل أكثر من سنة حين شكلت الحكومة المستقيلة. لا يتوافر تصور جديد، سوى ما قيل عن احتمالية اختيار وزير أو وزيرين قريبين من قناعات المنتفضين في الساحات منذ الأول من أكتوبر الماضي.
يبرز رأي يقول أن الخيارات ستكون للقوى السياسية ذاتها لكن بأثواب جديدة، فضلا عن إن وجوه الصفوف الاولى لدى تلك الاحزاب هرمت عمرا وفكرا،بعد سبع عشرة من السنوات العجاف ، وبات من المضحك اعادة تدويرها .
لكن السؤال الاكثر الحاحاً ، هو ما الفرق بين الوزير الانتقالي الذي يعرف مدى عمره في الكرسي لا يتجاوز سنة ، وبين الوزير الذي سيأتي بعده من نتاج الانتخابات المبكرة الموعودة ويعرف ان عمره الافتراضي اريع سنوات في الاقل؟.
العملية السياسية مليئة بالأخطاء الجسيمة التي تضر أصحابها (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا). ذلك انّ الحكومة المكلفة اليوم لاتحتاج أكثر من رأس لإدارة مرحلة انتقالية ذات مهمة محددة هي الانتخابات وبعض المتعلقات الاقل اهمية ، وربما احتاجت الى خمسة وزراء جدد يمثلون ادوات لآليات الادارة المؤقتة ،مادام الرئيس المكلف سيدير كل الشؤون من خلال مكتبه والامانة العامة والهيئات المستقلة . فلا حاجة بالبلد الى مضيعة الوقت والمال في توزير أسماء جديدة لتسعة شهور أو سنة ولا يمثلون معنى ذا قيمة في آلية المرحلة الانتقالية.
أعرف مسبقاً انّ محدودية أفق العملية السياسية لايحتمل الاصلاح أصلاً وانما التغيير الجذري ، لكن حفاظاً على السلم الاهلي من التزامي والانهيار، يضطر المراقب أن يأمل بوجود خير قابل للنمو في بيئة طالما كانت سيئة وشريرة وبشهادة الفاعلين فيها أحياناً .