من دون مزايدات ، هناك ترهل أمني كبير في العراق . لقد اتّجه الجهد الأمني منذ ستة أشهر لحماية المنطقة الخضراء ومحتوياتها ومقتنياتها السياسية من غضب العراقيين المنتفضين ضد الظلم والفساد والقتل ، وتُركت الجبهات التي تواجه الحدود المحتملة مع تنظيم داعش من دون تجديد في اساليب العمل التربوي والقيادة وضعف التنسيق بين القيادات الميدانية النظامية والقيادات المساندة في التشكيلات التابعة للحشد ، ومن هنا اصبح هناك اكثر من رأي ورؤية مثلما توجد أكثر من راية في ساحات القتال . هذه لمحة لما تعني له تراكمات الاهمال وتسييس الجانب الامني والعسكري بما فسح المجال لتنظيم داعش للتحرك في حرية لتنفيذ التعرضات ذات الطبيعة المنتشرة والمتنقلة والمناورة. الهجمات الجديدة والمتعاقبة تعني الكثير، وأولى المعاني ، انّ هناك عدواً له القدرة المتربصة في الرصد وانتهاز الفرص والتوقيت بطاقات غير متوقعة ، فيما يغرق السياسيون الذين انتجوا بدورهم معظم الأنساق الامنية المتداولة في مهاترات المناصب الحكومية وصغائر الامور في أسواق البرلمان. التوقيتات التي جاء بها التصعيد الامني الخطير ترتبط بالوضع السياسي من جهة والتحولات الاقليمية والخارجية بنسب متفاوتة ، ولا تزال القراءة العراقية لما يحدث ملتبسة وناقصة ومنحازة. لذلك لايمكن أن تولد حكومة مطفأة العينين مرة أخرى ،حدودها الكرسي والطاولة ،ولا تملك رؤية مستقبلية لتدارك انهيارات محتملة في اكثر من جانب . واهم من يعتقد انّ تحرير المدن من داعش هو النصر النهائي ، بل انّ اهمال المدن ذاتها بعد تلك الصفحة الدامية هو ما يمكن أن يجعل في المدن اكثر من خاصرة رخوة ينفذ منها اي تنظيم . في النهاية ، هناك تراكمات فشل وتقصير وفساد ومحسوبيات وطغيان السياسي على الاختصاص ، لذلك لا يستغرب أي مراقب معني بشأن العراق من حدوث هزات أكبر ، وقلنا في هذا المكان، انطلاقاً من نفس المعطيات المرئية، قبل أسابيع أنّ الأسوأ لم يأت بعد .