إنتخابات عارية

قيس قاسم العجرش

22/01/2018

 

الجديد في إنتخابات آيار القادم أنها ستكون عارية: بلا تعيينات، وبلا وعود، وبلا مشاريع تستخدم كجوائز للترضية.
تأتي بعد أن اعتادت معظم الكتل السياسية على استغلال أجنحة الأموال العامة لتمويل الحملات الإنتخابية.
المشاريع الستة آلاف التي تم تصنيفها على أنها مشاريع "متلكئة"، كانت قصّتها متشابهة للغاية. تبدأ هذه المشاريع بمُقترحات ترفعها الجِهة الحكومية المعنية (هذه الجهة في العادة واقعة تحت سيطرة ومسؤولية حزب ما)، ويوافق عليها مجلس الوزراء، ثم تُخصِص لها وزارة المالية حَيّزاً في موازنة العام التالي. يبدأ العام المالي الجديد، وتستحوذ شركة ما على المشروع (بمعنى أن تفوز بمناقصته). ثم تستلم الدفعة الأولى من قيمة المشروع. تبدأ بعدها هذه الشركة بوضع الأسس ونشر المُعدّات وما الى ذلك. ثم تبدأ رحلة الكشف على حجم المُنجز من أجل تقييم مدى التقدّم. في هذه المرحلة، تجري المبالغة في ما تم إنجازه بالفعل، يعني أن يكون المُنجز في الواقع 10بالمائة مثلاً بينما تقول التقارير المرفوعة انه بحدود 40%. فيجري صرف باقي المستحقات وهي أكثر من استحقاق المشروع بكثير.
هنا يدخل المشروع في دوامة طلب التمديد(وطبعاً سيجد هناك من يُمهّد لهذا الطلب). وعادة ما يجري استخدام عذر الظروف القاهرة التي منعت إكمال المشروع. وبالفعل، يجري التمديد من أجل تضييع الوقت والدخول في سنة مالية جديدة. بينما تجري مُناقلة باقي المُستحقّات وأموال المشروع الى السنة التالية.
وحين يأتي الدور على موازنة السنة التالية، ربما لن يجد هذا المشروع(الذي صار اسمه رسمياً"مشروع متلكئ")، لن يجد تخصيصات إضافية، أو حتى تخصيصاته الأصلية لأن الأولويات قد اختلفت في العام الجديد.
ولأن الشركة تكون في العادة قد قدّمت خطابات ضمان من المصارف بناءً على امتلاكها عقارات(في العادة لا تساوي حجم الضمان)، فهي لن تخسر عبر حجز البنك على عقار بـ 200 مليون دينار مقابل ضمان بملياري دينار مثلاً.
هذه القصّة أكاد أجزم بأنها متكررة في آلاف المشاريع. وهكذا تبخّرت أموال الموازنات الإستثمارية. بل وهكذا جرى تمويل حملات الإنتخابات الباذخة.
هذه المرّة ستكون الإنتخابات على حساب المتلكئ الماضي، فلا شيء سيُشرع به حتى(يتلكأ)وتصرف أمواله لتمويل الإنتخابات.
إنها بالفعل محنة كبرى للكتل التي تؤوي الفاسدين.

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group