الصناديق السيادية ومنافعها الاقتصادية

ابراهيم المشهداني

03/09/2018

يتعرض الاقتصاد العراقي باستمرار الى اهتزازات ورجات ارتدادية من جراء المخاطر الداخلية الناشئة عن استفحال الارهاب واعماله الاجرامية التي لا تقتصر على الابادة الجماعية للعراقيين، وانما تشمل وبنطاق واسع القاعدة التحتية والمنشآت الاقتصادية، وكذلك الازمات الاقتصادية العالمية اضافة الى فشل الادارة الاقتصادية خلال الفترة الماضية.

واستنادا الى البيانات المتوفرة بشأن دور الصناديق السيادية في الاقتصاد العالمي فان حجوم رؤوس الاموال المتوقعة التي تحرك هذه الصناديق تبلغ على النطاق العالمي 13 تريليون دولار خلال العقد القادم بحسب (ستنادرد جارتر) وتتوزع هذه الصناديق من حيث حجومها المالية على مختلف القارات، ففي آسيا تتجلى بقيمة اجمالية تقدر بـ 2،8 تريليون دولار، وفي الشرق الاوسط 2 تريليون واوروبا بحدود تريليون دولار اما امريكا الشمالية فتستحوذ على 219 مليار دولار وافريقيا 150 مليار دولار فيما تستحوذ استراليا على 104 مليار دولار اما امريكا الجنوبية فـ 76 مليار دولار. ولعل بعض بلدان الخليج العربي قد دشنت استخدامها منذ اوائل خمسينيات القرن الماضي ومن بينها الكويت التي اسست صندوق الاستثمار في عام 1953 والذي يمتلك الآن 213 مليار دولار فيما تستحوذ الصناديق السيادية في السعودية على 10 في المائة من اجمالي الثروات السيادية في العالم وتستحوذ ابو ظبي على 17 في المائة من الثروة العالمية ومقدارها 750 مليار دولار..

ومن الواضح ان الصناديق السيادية تتمتع بخصائص على درجة كبيرة من الاهمية ولهذا دأبت العديد من دول العالم على انشائها. واهميتها تكمن في ادارة الثروات والاحتياطيات المالية للدول وهي لهذا السبب تمثل رافعة اساسية للاستثمار بالاضافة الى حماية الميزانية بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام من تقلبات الاسعار في السلع الاساسية فضلا عن انها تمثل مدخرات للاجيال القادمة وتحويل المدخرات الى اموال احتياطية لاغراض زيادة العوائد المالية وعمليات التنمية في حقليها الاقتصادي والاجتماعي فضلا عن تنوع استخداماتها في مختلف القطاعات الاقتصادية. وبعد ماهي الخطوات المتخذة في العراق لحد الآن؟

يمكن القول ان الصناديق المؤسسة في العراق تقتصر على صندوق تقاعد الموظفين وقد كان لهذا الصندوق اثره الايجابي في ضمان توفير رواتب المتقاعدين ولكنه لم يشهد اي توسع في مجال عمله بما يحسن من اوضاع المتقاعدين البائسة والصندوق الآخر هو الصندوق العراقي للتنمية الخارجية وقد تم تأسيسه بموجب القانون رقم 77 لسنة 1974 ويقوده مجلس ادارة مشكل من ممثلين عن وزارات الخارجية والاسكان والتخطيط والتجارة والعدل ويبدو ان مجال عمل هذا الصندوق خارج العراق وخاصة في الدول العربية الا انه على ما يظهر قد ولد ميتا بدليل ان مجلس ادارته لم يجتمع ابدا. كما ان الصندوقين المذكورين لم يكونا مستقلين بسبب ارتباطهما بوزارة المالية وتدخلها في قرارات مجلس الادارة بما يخرجهما عن هدف انشائهما.

من هنا تنهض الحاجة الى أن تولي الحكومة القادمة لهذه الصناديق اهمية خاصة ارتباطا بالسياسة الاقتصادية اللاحقة التي يتعين مغادرة السياسات السابقة التي لم تكن سوى ارقاما يكتنفها الغموض وتفتقر الى الواقعية. ونقترح في هذا المجال ما يلي:

1. اعادة النظر في الصندوقين القائمين المذكورين وتقييم ادائهما وفي تقديري ان ربط هذين الصندوقين وزارة المالية قد قيد حركتهما وامكانية توسيع نشاطهما لتعميق المنافع التي تقدمانها وخاصة صندوق التقاعد اما الصندوق العراقي للتنمية الخارجية فاعتقد انه فقد مبررات وجوده.

2. دراسة انشاء صناديق سيادية خاصة بالاستثمار والاجيال القادمة والديون والتأمينات الاجتماعية وتمويلها من الفوائض المالية المتحققة من الزيادات في اسعار النفط والموارد المأمول تحقيقها من الضرائب والرسوم الكمركية وغيرها واشراك المؤسسات الاقتصادية والمالية ومراكز البحث العلمي والمتابعين للشأن الاقتصادي في هذه الدراسة واصدار التشريعات الخاصة بها.

3. اخضاع هذه الصناديق لرقابة مجلس النواب مع التأكيد على شفافية هذه الصناديق وايصال معلوماتها الى الباحثين والمراكز التخصصية وقبل كل شيء تشكيل اداراتها من اصحاب الاختصاص والمعروفين بنزاهتهم والاستفادة من التجربة العالمية.

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group