كم قنصلية نحتاج في الموصل؟

فاتح عبد السلام

29/09/2018

في‭ ‬الاقليم‭ ‬الكردي‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬قنصلية‭ ‬تعمل‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬بعيدة‭ ‬وتسهم‭ ‬في‭ ‬توثيق‭ ‬الروابط‭ ‬بين‭ ‬اربيل‭  ‬والعالم‭ . ‬الدول‭ ‬حين‭ ‬تفكر‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬قنصليات‭ ‬لها‭ ‬تفتح‭ ‬عيونها‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬وامكانات‭ ‬الاستثمار‭ ‬والعوائد‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬المرشح‭ . ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الجميع‭ ‬شرط‭ ‬أن‭ ‬يفيد‭ ‬أصحاب‭ ‬الارض‭ ‬أولاً‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ .‬

الموصل‭ ‬الخارجة‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬انقاض‭ ‬الحرب‭ ‬لم‭ ‬تعرف‭ ‬القنصليات‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬،‭ ‬باستثناء‭ ‬القنصلية‭ ‬التركية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬شبه‭ ‬ميتة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬أية‭ ‬مساهمات‭ ‬لخدمة‭ ‬المجتمع‭ ‬الموصلي.

ربما‭ ‬لأنّ‭ ‬النظام‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يسمح‭ ‬بأنشطة‭ ‬لدولة‭ ‬أخرى‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬ثقافية‭ ‬وعلمية‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬أزال‭ ‬أتذكر‭ ‬مدرساً‭ ‬للغة‭ ‬التركية‭ ‬،كيف‭ ‬كان‭ ‬يجري‭ ‬استدعاؤه‭ ‬من‭ ‬المخابرات‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الزمن‭ ‬بسبب‭ ‬مراجعته‭ ‬القنصلية‭ ‬والتحدث‭ ‬مع‭ ‬موظفيها‭ ‬بالتركية‭ . ‬وكانت‭ ‬القنصلية‭ ‬محدودة‭ ‬الوجود‭ ‬تعنى‭ ‬بمتابعة‭ ‬حوادث‭ ‬سائقي‭ ‬الشاحنات‭ ‬التركية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنقطع‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العراقية‭ ‬الايرانية‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬تصدير‭ ‬النفط‭ ‬والبضائع‭ ‬نحو‭ ‬تركيا‭ .‬الان‭ ‬الموصل‭ ‬أمام‭ ‬واقع‭ ‬جديد‭ ‬،‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬أي‭ ‬جهد‭ ‬دولي‭ ‬،‭‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬النواحي‭ ‬الخدمية‭ ‬والبنائية‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬والصحة‭ ‬العام ‬والماء‭ ‬والكهرباء‭ ‬والتعليم‭ ‬العالي،‭ ‬وهنا‭ ‬تبرز‭ ‬الحاجة‭ ‬الى‭ ‬افتتاح‭ ‬قنصليات‭ ‬لدول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬المنكوبة‭ ‬،‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬أيدي‭ ‬المساعدة‭ ‬قريبة‭ ‬،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يتحجر‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬نواحي‭ ‬النفوذ‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬لها‭ ‬الدول‭ ‬عبر‭ ‬القنصليات‭ ‬والسفارات‭ ‬،‭ ‬فذلك‭ ‬كلام‭ ‬عفا‭ ‬عنه‭ ‬الزمن‭ . ‬نقل‭ ‬معاناة‭ ‬الملايين‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬المحطمة‭ ‬الى‭ ‬العالم‭ ‬سيكون‭ ‬أسرع‭ ‬وأوضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬هيئات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬دولية‭ ‬موجودة‭ ‬على‭ ‬الارض‭ .‬

الحياة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬الى‭ ‬الموصل‭ ‬من‭ ‬أوسع‭ ‬الابواب‭ ‬وبطريقة‭ ‬ذات‭ ‬بعد‭ ‬استراتيجي‭ ‬وليس‭ ‬آنياً‭ ‬وترقيعياً‭ ‬،‭ ‬فما‭ ‬حصل‭ ‬خراب‭ ‬تام‭ ‬،‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬بديل‭ ‬سوى‭ ‬البناء‭ ‬التام‭ ‬،‭ ‬فالمدينة‭ ‬وماحولها‭ ‬بقاع‭ ‬غنية‭ ‬بالثروات‭ ‬الطبيعية‭ ‬والزراعية‭ ‬وتحتاج‭ ‬الى‭ ‬تحفيز‭ ‬واستثمارات‭ ‬وخبرات‭ ‬أجنبية‭ ‬واستنهاض‭ ‬طاقات‭ ‬الشباب‭ ‬الكامنة‭ .‬واقع‭ ‬الجامعات‭ ‬في‭ ‬الموصل‭ ‬لايزال‭ ‬دون‭ ‬الحد‭ ‬الادنى‭ ‬لنهضة‭ ‬المدينة‭ ‬وفق‭ ‬منظار‭ ‬ترسمه‭ ‬الكفاءات‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬أبدياً‭‬.

المصدر// جريدة الزمان الدولية

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group