في الاقليم الكردي اكثر من عشرين قنصلية تعمل منذ سنوات بعيدة وتسهم في توثيق الروابط بين اربيل والعالم . الدول حين تفكر أن تفتح قنصليات لها تفتح عيونها قبل ذلك على النفط وامكانات الاستثمار والعوائد في المكان المرشح . وهذا من حق الجميع شرط أن يفيد أصحاب الارض أولاً من كل ذلك .
الموصل الخارجة من تحت انقاض الحرب لم تعرف القنصليات في تاريخها ، باستثناء القنصلية التركية التي كانت شبه ميتة في زمن النظام السابق ، ولم يكن هناك أية مساهمات لخدمة المجتمع الموصلي.
ربما لأنّ النظام لم يكن يسمح بأنشطة لدولة أخرى حتى لو كانت ثقافية وعلمية ، ولا أزال أتذكر مدرساً للغة التركية ،كيف كان يجري استدعاؤه من المخابرات في ذلك الزمن بسبب مراجعته القنصلية والتحدث مع موظفيها بالتركية . وكانت القنصلية محدودة الوجود تعنى بمتابعة حوادث سائقي الشاحنات التركية التي لا تنقطع في خلال الحرب العراقية الايرانية حيث كان تصدير النفط والبضائع نحو تركيا .الان الموصل أمام واقع جديد ، تحتاج الى أي جهد دولي ،لاسيما في النواحي الخدمية والبنائية كما في المستشفيات والصحة العام والماء والكهرباء والتعليم العالي، وهنا تبرز الحاجة الى افتتاح قنصليات لدول العالم في المدينة المنكوبة ، لكي تكون أيدي المساعدة قريبة ، ويجب أن لا يتحجر التفكير في النظر الى نواحي النفوذ التي تسعى لها الدول عبر القنصليات والسفارات ، فذلك كلام عفا عنه الزمن . نقل معاناة الملايين في المدينة المحطمة الى العالم سيكون أسرع وأوضح من خلال التنسيق مع هيئات دبلوماسية دولية موجودة على الارض .
الحياة يجب أن تعود الى الموصل من أوسع الابواب وبطريقة ذات بعد استراتيجي وليس آنياً وترقيعياً ، فما حصل خراب تام ، ليس له بديل سوى البناء التام ، فالمدينة وماحولها بقاع غنية بالثروات الطبيعية والزراعية وتحتاج الى تحفيز واستثمارات وخبرات أجنبية واستنهاض طاقات الشباب الكامنة .واقع الجامعات في الموصل لايزال دون الحد الادنى لنهضة المدينة وفق منظار ترسمه الكفاءات ، لكن هذا الحال يجب أن لا يكون أبدياً.
المصدر// جريدة الزمان الدولية