الوزير‭ ‬الألكتروني

فاتح عبد السلام

11/11/2018

سمعنا عن الترشيح لمنصب الوزير عبر الانترنت، وسعدنا جداً لأنّ هناك بريداً حكومياً يستجيب بسرعة للطلبات، قبولاً أو رفضاً، في خلال أقل من اسبوعين أو أسبوع أو يوم أو ساعات كما في بعض الحالات. وهو ما كشف زيف ادعاءات الشعب العراقي الباطلة (في إنّ مثلاً .. مثلاً) استخراج هوية الاحوال المدنية من دون ذلك الطابور المذل يتطلب دفع ورقتين خضراوين.

وبعدها ظهرت التصريحات التي تمثل كشفاً تتناقله الصحف والوكالات في إنّ خمسة فازوا بالمنصب الوزاري عبر الاختيار الالكتروني.

لكننا لم نطلع على الآلية التي حصل فيها فرز آلاف المرشحين في ذلك الوقت القصير المضغوط بالضغوطات، كما يقول وزير محظوظ في انه نال الكرسي الأثير من بين ستة آلاف مرشح بالطريقة الالكترونية. الفرز ليس عملية اوتوماتيكية لتشخيص الطويل عن القصير والسمين عن الضعيف، هي عملية معقدة لو أُريد لها أن تسير بحسب أصولها فهي بحاجة الى خبراء ومستشارين وعدة شهور من البحث والتقصي وتقليب كل ملف على جميع وجوهه.

ثم ماهذه الصُدف السعيدة التي خرجت فيها نتائج الترشيحات الالكترونية متطابقة حرفياً مع الترشيحات في نظام المحاصصة الطائفية المقيتة؟ ولا أحد يتعرض على النزاهة الالكترونية.

ولم يخبرنا أحد عن أسباب عدم التمكن من ملء الحقائب الشاغرة بعد جلسة البرلمان في منح الثقة على الطريقة الالكترونية ذاتها؟ كما لم نعلم أسباب عدم النجاح في اختيار جميع اعضاء الكابينة بالوسيلة الالكترونية.

إنّ أحداً لا يستطيع أن يشكك في وصول الترشيحات العامة عن طريق الملفات الالكترونية فعلاً، فالايميل موجود وببلاش، غير إنّ أحداً لا يستطيع أن يمنع المرشحين عبر المحاصصة أن يرسلوا نسخة من ملفاتهم الى نفس البريد الالكتروني أيضاً بعد الانتهاء من التوافقات والتراضيات والصفقات.

عندما يكون هناك، في بلدنا المترنح بالمصائب، نظام توظيف عالي النزاهة والدقة في جميع حلقات الدولة الادارية، عبر ما يسمى مسابقات واختبارات التعيين لنيل الوظيف بحسب الكفاءة، من درجة ملاحظ الى وزير مروراً برئيس الشعبة ورئيس الملاحظين والمدير والمدير العام ووكيل الوزير، يكون عندئذ من المقبول منطقياً التعاطي في قبول الترشيحات لمنصب الوزير الكترونياً.

الامر لكي ينجح، ليس سائباً من دون وجود ثقافة متأصلة في التعاطي المحايد المجرد من كل هوى وميل مع عملية ملء المناصب. في الاقل تكون هناك ثقافةنزاهة لنجابه بها ثقافة الفساد، ثم لنشرع بمشروعات بناء هيكل الدولة الكترونياً.

سوى ذلك أمر يثير الشفقة حيناً والضحك أحياناً، ولقد ضحكنا كثيراً، وأدخلت تلك الطريقة الالكترونية البهجة والسرور على رتابة المشهد السياسي المعتم المليء بالتلاطم والدهاليز والانجرافات والرفسات أو الدفسات لافرق.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group