التزحلق بقشر الموز في الاعلام

فاتح عبد السلام

04/12/2018

هناك ضجة كبيرة اليوم، وتدخلت الشرطة وألقت القبض على مشجع كرة قدم متحمس وغاضب رمى قشرة موز على الملعب . واجتمعت اللجان التي أوصت بحرمان هذا المشجع عاثر الحظ وسيء التصرف مدى الحياة ومنعه من دخول الملاعب وتشجيع ناديه ، ولو أُتيح لهم لكان قرروا حرمانه من مشاهدة المباريات والتصفيق لها في منزله.

هناك نقطة ضوء يجري تسليطها في الاعلام  على شيء بمساحة قشرة موز، فيما تمر مصائب شعوب كاملة من دون أن تلحظها الكاميرات .

هذا جزء من بناء الاعلام في دول متقدمة ، تؤسس عليه مراحل أخرى يجري فيها تسليط الضوء على شخصية سياسية أو دولة بعينها ، فيتم شيطة زعيم معين بقدر شيطنة رامي قشرة الموز ، ويحتل الاثنان مساحات متقاربة في البث الاعلامي ، غير انّ مشجع كرة القدم المشاغب تمضي قصته للاختفاء والنسيان من دون اعادة بعد يوم او ساعات أحياناً ، في حين يتم تكرار قصة الزعيم بأشكال مختلفة حتى تستنفد ويتم طيّها .

وهكذا نرى في الصحافة الغربية صاحب القضية الكبيرة الى جانب شخص هامشي في المجتمع ، اتاح له صانعو طبخة الميديا والسياسة أن يصبح نجماً ليوم أو بعض يوم . في حين نرى انّ الصفحات الأولى للصحف العربية تتوافر على القصص الكبيرة حصراً ومن النادر أن يتم تسلل قصص صغيرة في طياتها، فنادراً أن تقبل الصحف العربية وأغلبها ذو تمويل حكومي، أن ينافس مواطن زعيماً أو وزيراً متنفذاً في الواجهات الاعلامية.

ما يجري في الاعلام الغربي هو جزء من ثقافة المساواة، والنظر الى أي منصب عال بوصفه مجرد وظيفة من الوظائف لا تتفوق في معناها الحكومي والوطني على وظيفة أخرى في مصنع أو بلدية أو مرافق صحية . لكن لا يخلو الاعلام الاوروبي عموماً ، وبدرجة تالية الامريكي، من اجادة توجيه القضايا الصغيرة على طريق يمهد للتأثير في العقل الجمعي حين يتم تناول القضلايا الكبيرة، وفي أوقات الازمات الدولية والحروب غالباً ، كما حصل في الحربين الامريكيتين على العراق عامي 1991 و2003،أو الحرب الفرنسية الايطالية على ليبيا عام 2011، أو حرب سوريا المستمرة.  وتبقى العملية في النهاية فنّاً واحترافاً .

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group