من المضحك المبكي ان تقف الامم المتحدة بعد سبعين سنة لتحتفل بالاعلان العالمي لحقوق الانسان , وقد استبيح الانسان نفسه قبل حقوقه السياسية والاقتصادية والشخصية ، واستبيحت بلدان وهدمت مدن وتمزقت مجتمعات ، ولم يجد احد من الضحايا وهم بالملايين أحداً يقف معهم أو يناصرهم إلاّ عندما تتوائم مصالح الدول الكبرى وصنّاع الحروب مع قضايا محددة هنا أو هناك .
انها مناسبة اليمة، يتضح فيها الفشل الذريع للأمم المتحدة على مدى عقود من الدمار الذي لحق بالبشرية ، وليس لنا ان نسمع من المنظمة سوى انها قلقت ودانت وشجبت واستنكرت. لا اريد أن ازيد ، لكن خير ما يمكن أن يقال في هذه المناسبة ، هو اعادة نشر بعض بنود ذلك الاعلان العالمي لنرى انفسنا أين أصبحنا : تنص المادة الأولى على أنه ”يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق”، والمادة 2 على أنه ”لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر”. وتقول المادة الثالثة إنه ”لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه”، والرابعة أنه ”لا يجوز استرقاقُ أحد أو استعبادُه، ويُحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما”، فيما تؤكد الخامسة أنه ”لا يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطَّة بالكرامة”. وتجزم المادة التاسعة أنه ”لا يجوز اعتقالُ أيِّ إنسان أو حجزُه أو نفيُه تعسُّفًا”، والثانية عشرة إنه ”لا يجوز تعريضُ أحد لتدخُّل تعسُّفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، ولا لحملات تمسُّ شرفه وسمعته. ولكلِّ شخص حقٌّ في أن يحميه القانونُ من مثل ذلك التدخُّل أو تلك الحملات". وتنص المادة 13 ”لكلِّ فرد حقٌّ في حرِّية التنقُّل وفي اختيار محلِّ إقامته داخل حدود الدولة. لكلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده”. في حين تقول المادة 14 إنه ”لكلِّ فرد حقُّ التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتُّع به خلاصًا من الاضطهاد". وتقول المادة 15 أنه ”للرجل والمرأة، متى أدركا سنَّ البلوغ، حقُّ التزوُّج وتأسيس أسرة، دون أيِّ قيد بسبب العِرق أو الجنسية أو الدِّين. وهما متساويان في الحقوق لدى التزوُّج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله” وعلى أنه ”لا يُعقَد الزواجُ إلاَّ برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاءً كاملً لا إكراهَ فيه". وتعترف المادة 18 بأنه ”لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في تغيير دينه أو معتقده، وحرِّيته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة".
برغم مرارة المناسبة فإنها قد تحيلنا الى ضحك هستيري لا نهاية له .