صراع منذ أسابيع ، واحد يرفع وآخر يكبس ، من أجل ملء فراغ كراسي وزارية. الموضوع كله لا قيمة له، مجرد مضيعة مما بقي من وقت لم يضع بعد من عمر هذا العراق الذي يتآكل من الداخل من دون أي بناء . حتى لو لم يضعوا وزراء جدداً في الحقائب الشاغرة فإنّ المواطن العراقي لن يلحظ شيئاً مختلفاً ، ستسير الامور كما هي سائرة ، إن كانت سائرة حقاً . جوهر الصراع القائم هو ثقافة تقاسم الغنائم التي لا تزال سائدة وهي جذر الفساد . وإلاّ ما معنى أن أعطل تشكيل الوزارة بسبب عدم رغبة في استيزار شخص وما معنى أن يكون التعطيل من طرف آخر بسبب التمسك بنفس الشخص .
هل هي عملية لي أذرع بين جهات تتقادح في عيونها الشرر؟، هل هي مساومات لضمان حصص من الغنيمة الملقاة على قارعة الطريق والتي لها اسم ثان ، هو العراق ؟. هذا التناحر يؤكد ان المنصب الوزاري المختلف عليه لن يكون عراقياً مطلقاً بل حزبياً طائفياً فئوياً وشخصياً ، من هنا يمكن النظر الى عمق المأساة في العراق والى حجم اليأس من الاصلاح .
المشكلة ليست في أسماء أشخاص يقودون وزارات ، لكن في المرجعية السياسية القانونية الضابطة للأداء والقادرة على المحاسبة والتدقيق والمتابعة من دون دوافع سياسية أو خارجية مغرضة كما كانت التمثيليات الاستعراضية تجرى في البرلمان بدوراته السابقة .
العراق سيبقى ضائعاً ، إذا كان كل وزير يفهم برنامج الهوية الوطنية للبلاد على طريقته الخاصة .
من منبر هذه السطور الصغيرة ، اتعهد لكم انّ الوزارات الشاغرة يمكن أن تبقى شاغرة أربع سنوات من دون أن يشعر المواطن بوجود حاجة اليها ،لأنّ العقليات الباحثة عن غنائم الوزارات لا تزال تشتغل خارج مصلحة المواطن كمفهوم مطلق ، وهمّها هو المواطن المقنن فئوياً وطائفياً ومن ثم انتخابياً . وهي مناسبة ليتذكروا فيها انّ نسبة العشرين في المائة من مشاركة العراقيين في الانتخابات الاخيرة في احسن التقديرات حسنة النية ، قد تصبح حلماً في الدورة الانتخابية المقبلة ، لأنّ الانفصال بين الناس والفئات الحاكمة يكاد يكون تامّاً.