المواطن‭ ‬المقنن

فاتح عبد السلام

16/12/2018

صراع‭ ‬منذ‭ ‬أسابيع‭ ‬،‭ ‬واحد‭ ‬يرفع‭ ‬وآخر‭ ‬يكبس‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ملء‭ ‬فراغ‭ ‬كراسي‭ ‬وزارية‭. ‬الموضوع‭ ‬كله‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬له،‭ ‬مجرد‭ ‬مضيعة‭ ‬مما‭ ‬بقي‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬لم‭ ‬يضع‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬هذا‭ ‬العراق‭ ‬الذي‭  ‬يتآكل‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬بناء‭ . ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يضعوا‭ ‬وزراء‭ ‬جدداً‭ ‬في‭ ‬الحقائب‭ ‬الشاغرة‭ ‬فإنّ‭ ‬المواطن‭ ‬العراقي‭ ‬لن‭ ‬يلحظ‭ ‬شيئاً‭ ‬مختلفاً‭ ‬،‭ ‬ستسير‭ ‬الامور‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬سائرة‭ ‬،‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬سائرة‭ ‬حقاً‭ . ‬جوهر‭ ‬الصراع‭ ‬القائم‭ ‬هو‭ ‬ثقافة‭ ‬تقاسم‭ ‬الغنائم‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬سائدة‭ ‬وهي‭ ‬جذر‭ ‬الفساد‭ . ‬وإلاّ‭ ‬ما‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬أعطل‭ ‬تشكيل‭ ‬الوزارة‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬استيزار‭ ‬شخص‭ ‬وما‭ ‬معنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التعطيل‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬آخر‭ ‬بسبب‭ ‬التمسك‭ ‬بنفس‭ ‬الشخص‭ .‬

هل‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬لي‭ ‬أذرع‭ ‬بين‭ ‬جهات‭ ‬تتقادح‭ ‬في‭ ‬عيونها‭ ‬الشرر؟،‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬مساومات‭ ‬لضمان‭ ‬حصص‭ ‬من‭ ‬الغنيمة‭ ‬الملقاة‭ ‬على‭ ‬قارعة‭ ‬الطريق‭ ‬والتي‭ ‬لها‭ ‬اسم‭ ‬ثان‭ ‬،‭ ‬هو‭ ‬العراق‭ ‬؟‭. ‬هذا‭ ‬التناحر‭ ‬يؤكد‭ ‬ان‭ ‬المنصب‭ ‬الوزاري‭ ‬المختلف‭ ‬عليه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬عراقياً‭ ‬مطلقاً‭ ‬بل‭ ‬حزبياً‭ ‬طائفياً‭ ‬فئوياً‭ ‬وشخصياً‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬عمق‭ ‬المأساة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والى‭ ‬حجم‭ ‬اليأس‭ ‬من‭ ‬الاصلاح‭ .‬

المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬أسماء‭ ‬أشخاص‭ ‬يقودون‭ ‬وزارات‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬المرجعية‭ ‬السياسية‭ ‬القانونية‭ ‬الضابطة‭ ‬للأداء‭ ‬والقادرة‭ ‬على‭ ‬المحاسبة‭ ‬والتدقيق‭ ‬والمتابعة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬دوافع‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬خارجية‭ ‬مغرضة‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬التمثيليات‭ ‬الاستعراضية‭ ‬تجرى‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬بدوراته‭ ‬السابقة‭ .‬

العراق‭ ‬سيبقى‭ ‬ضائعاً‭ ‬،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬وزير‭ ‬يفهم‭ ‬برنامج‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬للبلاد‭ ‬على‭ ‬طريقته‭ ‬الخاصة‭ . ‬

من‭ ‬منبر‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬الصغيرة‭ ‬،‭ ‬اتعهد‭ ‬لكم‭ ‬انّ‭ ‬الوزارات‭ ‬الشاغرة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬شاغرة‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬المواطن‭ ‬بوجود‭ ‬حاجة‭ ‬اليها‭ ‬،لأنّ‭ ‬العقليات‭ ‬الباحثة‭ ‬عن‭ ‬غنائم‭ ‬الوزارات‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تشتغل‭ ‬خارج‭ ‬مصلحة‭ ‬المواطن‭ ‬كمفهوم‭ ‬مطلق‭ ‬،‭ ‬وهمّها‭ ‬هو‭ ‬المواطن‭ ‬المقنن‭ ‬فئوياً‭ ‬وطائفياً‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬انتخابياً‭ . ‬وهي‭ ‬مناسبة‭ ‬ليتذكروا‭ ‬فيها‭ ‬انّ‭ ‬نسبة‭ ‬العشرين‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬مشاركة‭ ‬العراقيين‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الاخيرة‭ ‬في‭ ‬احسن‭ ‬التقديرات‭ ‬حسنة‭ ‬النية‭ ‬،‭ ‬قد‭ ‬تصبح‭ ‬حلماً‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الانتخابية‭ ‬المقبلة‭ ‬،‭ ‬لأنّ‭ ‬الانفصال‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬والفئات‭ ‬الحاكمة‭ ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬تامّاً‭.‬

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group