قواعد مرحب بها في العراق

فاتح عبد السلام

23/12/2018

هناك مثل اسباني شهير يقول، الماء الذي لن تشربه دعه يجري.

ربّما نحتاج تأمل جوانب من الوضع العراقي في ضوء هذا المثل. نأتي الى قضية بطالة الشباب والايدي العاملة التي لم يعد لها مصانع للنسيج أو السكر أو الكيمياويات أو الاسمنت كما كان للبلد في عقود نشأته الاولى. يمكن أن نحصي العمالة الماهرة ونصف الماهرة من خريجي اعداديات ومعاهد الصناعة والزراعة والتجارة وكذلك من خريجي الجامعات خلال خمسة عشر عاماً الأخيرة وهم بعشرات الآلاف، كما يمكن أن يجري التهيئة لاستيعاب أعداد بالألوف من العاملين غير المهرة، ومن ثمّ تقوم الحكومة بالتعاقد مع شركات صناعية كبرى في العالم أو في المحيط الاقليمي لقيام معاملها ومصانعها على الارض العراقية من خلال توظيف هذه الايدي العاملة مادام الامل شبه معدوم في اعادة الصناعة العراقية وتطويرها كما هو موجود في دول أقل تجربة وعمراً من العراق.

أعرف انّ هذا المقترح يحتاج الى وزارة متفرغة له ذات عقلية عالمية في الانفتاح على الدول والترويج لامكانات العراق في الجغرافيا والقدرة البشرية والمناخ الذي يلاءم عدداً كبيراً من الصناعات. كما ادرك انّ هذا المقترح يحتاج هياكل وزارية ماهرة وليست تقوم على الحزبيات والمحسوبيات لكي تنجح في اجتذاب هذا الاستثمار غير المباشر الى العراق.

إنّ تحويل العراق الى مستقبل للقواعد الصناعية الوافدة اهم بكثير من استقبال القواعد العسكرية الاجنبية بشكل علني أو سري، ذلك انّ القواعد الاقتصادية ستشغل الايدي العراقية وتكسب الجيل خبرات عالمية ومن ثم يمكن التعاقد على استملاك تلك المصانع بعد زمن محدد أو الشراكة معها في رأس المال والارباح.

ولكن كل ذلك يحتاج الى اعادة تسويق صورة العراق أمام العالم وهي عملية معقّدة، وربّما يقول بعضهم انّها مستحيلة ، بسبب عدم نضوج الصورة الامنية للبلد أمام العالم، ولأنّ معدلات الفساد في البلد كبيرة الى حد احراج أكثر من جيل عراقي أن يعلن أمام العالم انتسابه لهذا البلد المتفسخ بالفساد والمحسوبيات والسرقات.

لكن دائماً تبقى الآمال بالاصلاح موجودة لأنّ معدن العراقيين أصيل وقادر على اعادة انتاج الامل المقت ول بما يوفر حياة فيها النكهة الخالدة لروح العراقيين الوقّادة الناشرة للمحبة والتسامح  على غير ما ظهر على السطح بفعل العوامل الخارجية في خلال السنوات الأخيرة.

انتم لا تشربون الماء وتتركونه يجري ليذهب هدراً، وهناك مَن يريد أن يستثمر في شريان الحياة على نحو يغير من انماط الانتاج والمفاهيم السائدة في البلد والتي لا تلاءم التقدم الحاصل في العالم .

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group