الأمن.. المال.. والعدل!

عبدالزهرة محمد الهنداوي

19/01/2019

الامن والمال والعدل، تمثل اثافٍي ثلاثا ينتصب فوقها قدر الحياة، فان حدث خلل او ميلان في أي واحدة منها، سيتعرض القدر الى الانكفاء!!..

ولهذا، فإن البلدان تحرص كثيرا على الاهتمام بهذه المفاصل الاساسية، وتسعى الى خلق حالة من الاستقرار فيها، فالأمن يعد اولى هذه الاثافي وأخطرها، فان تحقق، تحقق ما بعده من حلقات، اما المال فلا اعتقد ان نظرية (وسخ دنيا) مازالت سارية!! فلا حركة اقتصادية ولا حياة ولا رفاهية من دون المال،.. وقطعا، ان كل هذه التفاصيل ستبقى لا قيمة لها في حال غاب العدل، او اختفى..

وحين اتحدث عن ثالوث الامن والمال والعدل، فلست بوارد التنظير او التفلسف، فمثل هذا الحديث قد سبقني اليه الكثيرون وخاضوا فيه وأشبعوه شرحا وتفسيرا، انما، اردت ان اجعل من هذه الفكرة مدخلا مناسبا الى جوهر الفكرة التي اريد الخوض فيها، وهي ان الفصل التشريعي الاول من عمر مجلس النواب اوشك على ان يسدل الاستار على فعالياته، وهو لم ينتهِ من قصة قانون الموازنة، ليبقى هذا القانون الحيوي معلقا، تتقاذفه تصريحات النواب في المؤتمرات الصحفية الكثيرة التي يعقدونها بين الفينة والفينة، فنائب يتوقع انها ستؤجل الى الفصل التشريعي الثاني!، ونائب آخر يرد، لا انهاء للفصل التشريعي قبل اقرار الموازنة، وثالث يعلق، الموازنة فيها الكثير من المشكلات وإقرارها فيه الكثير من الصعوبات، وفي مشهد موازناتي معقد، يبقى الوضع المالي لمؤسسات الدولة قلقاً لحين خروج الدخان الابيض من قبة البرلمان اعلانا عن تمريرها.

اما الأمن، فأنه وعلى الرغم من ظروف العراق الامنية التي مازالت تواجه تحديات ليست سهلة، وخروق هنا وهناك، فان مجلس النواب لم يتمكن لحد الان من حسم حقيبتي الداخلية والدفاع، بسبب الصراع العنيف بين الكتل السياسية وعدم التوافق على اسم بعينه، ويبدو ان ضراوة الصراع على الحقائب الامنية، ادّى الى خفوت تداول هذه القضية على مستوى الاعلام والنواب، لا، بل الاكثر من هذا بدأنا نسمع مَن يتحدث عن بقاء هاتين الحقيبتين شاغرتين الى اجل غير مسمى، قد يمتد لمدة ٤ سنوات، أي لنهاية عمر الحكومة!!، معززين قولهم هذا ان الامور ستمضي على ما يرام، ويبقى رئيس الوزراء يدير الوزارتين بالوكالة، ولدينا في هذا المجال تجربة ناجحة ولدورة حكومية كاملة!!.. ولكن من دون ان يذكروا او يتذكروا ان التجربة السابقة كانت مقتصرة على الوزارتين الامنيتين فقط، اما اليوم فقد انضمت اليهما وزارة اخرى وهي وزارة العدل، واذا كان الاخفاق في اختيار الوزيرين سابقا هو بسبب عدم التوافق بين (السنة والشيعة)، فالأمر هذه المرة مختلف تماما، بعد ان انضم الكرد الى حلبة الصراع من خلال عدم توافقهم على وزير للعدل!!

الغريب في الامر، ان مجلس النواب نجح في تمرير ١٩ وزيرا (بضمنهم وزيرة التربية التي اثارت جدلا كبيرا) واخفق في تمرير ٣ وزراء، ومثل هذا الامر يفتح باب التساؤل المشروع: كيف تمكن المجلس من تمرير الوزراء الـ(١٩)، لوزارات مهمة، لا تقل اهمية عن الوزارات الثلاث المتبقية، واخفق في تسمية ثلاثة وزراء لتبقى الكابينة الحكومية مثلومة حتى اشعار آخر؟!!

جل الذي اخشاه فعلا ان يتكرر مشهد ادارة الوكالة للوزارات الامنية، وهذا الامر سيرهق كاهل رئيس الوزراء وقد يبعده عن تحقيق برنامجه الحكومي الطموح، والقلق الاخر الاكثر وضوحا، هو احتمال ترحيل قانون الموازنة الى الفصل التشريعي المقبل..

نأمل ونتمنى، ان ينجح المجلس في اقرار الموازنة في الاقل قبل تعطيله، لتكون الاجواء افضل في الفصل التشريعي الثاني، اذ تنتظره الكثير من القوانين المهمة، فضلا عن اكمال الكابينة الحكومية.. اليس كذلك؟

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group