ما بدأ بخطأ ينتهي الى أخطاء

مزاحم مبارك مال الله

24/01/2019

مشروع قرار لجنة الصحة والبيئة البرلمانية

لفك دمج وزارتي الصحة والبيئة

فما بدأ على محاصصة، ينتهي (بل أنتهى) الى تحاصصات فرعية وثانوية، والى الفساد، والى هدر المال العام والى فقر الخدمات والى انحدار بكل الأنشطة الحكومية واللا حكومية، فسياسة 16 سنة التحاصصية، قد خلقت الأجواء والحواضن لجملة أخرى من السلبيات وهذا هو سبب الذي كان وسيبقى وراء ما حققه ويحققه الإرهاب.

ومن الضفة الثانية كان للشعب كلمته وأنتفض، حيث توّج غليانه بالتظاهرات المستمرة بغض النظر عن حجمها وسعتها، وتحت الضغط الجماهيري، فأن الحكومات المتعاقبة تعيش نوع أخر من الأزمة، وهي كيف لها أن تداري عورتها التي سقطت عنها ورقة التوت، فأهتدت الى جملة من القرارات الكسيحة، غير الصحيحة، فأصدرت سلسلة من الإجراءات التي اكتسبت شرعيتها بموافقة البرلمان، ومن تلك الإجراءات، "ترشيق الوزارات".

وبغض النظر عن جدية تطبيق هذه الإجراءات من عدمها، فأن ترشيق الوزارات هو عنوان بحد ذاته، ولأجل أعطاء الرأي بهذا العنوان فلنتفق على أولويات، والتي يبدو لي أهمها السؤال التالي: لِمَ الترشيق؟

وحسب فهم الظروف التي أحاطت باتخاذ جملة الإجراءات الإصلاحية هذه، فأن الترشيق كان أحد الخطوات التي تقلص زوايا الفساد وتضغط باتجاه المصلحة العامة، شريطة أن لا يكون على حساب نوع الأداء وعلى مسيرة الإصلاح ذاتها.
لكن وللأسف فأن دمج بعض الوزارات، ومنها وزارتا البيئة بالصحة، قد أغفل هذا الشرط، والنتيجة فـأن جملة الإصلاحات، ستتحول من (عون الى فرعون)، كون هذا الدمج بالواقع هو على حساب النوع.

لماذا؟

لأن البلد مكبّل بكم هائل من الظواهر السلبية التي تعيث ببيئته، وأيضاً البلد مكبّل بتراكمات هائلة من المشاكل الصحية، بل أن كلا الناحيتين البيئية والصحية أصبحتا من السوء الى حد التنافر فيما بينهما في تحمل مسؤولية ما يحصل من تراجعات، وأن كلا العنوانين (البيئة والصحة)، يحملان من ثقل المهمات وتغلغل الفساد بحيث سيكون الأمر ثقيل وثقيل جداً على وزيرٍ واحد أن يدير الكم الهائل من المديرات والمؤسسات والإدارات ..الخ.

وليس هذا فحسب، فأن كلٍ من الوزارتين لها ضوابطها التي تتحكم بعملها، أضافة الى جملة المعطيات التي تسيّر عمل كلٍ منهما في علاقتيهما مع حركة المجتمع ومع الوزارات الأخرى، الخدمية والإنتاجية، ناهيك عن علاقتيهما بما يقابلهما دولياً والارتباط العلمي مع المنظمات الدولية.

نعم أن أحداهما مرتبطة بالأخرى من خلال نواتج تفاعلات حركة المجتمع بكل العناوين، ألاّ أن لكلٍ منهما خصوصية ترتبط بالعديد من نواتج فعل الإنسان والطبيعة، أما من ناحية الأستراتيج ، فذلك يتحكم به طبيعة النظام القائم وأسس اقتصاده، وأرتباط كل ذلك بكل الأنشطة البشرية المختلفة، ولا ننسى اختلاف الأسس التي تتعامل كلٍ من الوزارتين بموجبها بما موجود بأرض الواقع، ومثال ذلك، إن التعامل مع التلوث البيئي يختلف عن معالجة الأمراض الناتجة عن التلوث البيئي ذاته.

لذا أرى ليس من الصواب أن تدمج وزارة البيئة بوزارة الصحة فمن شأن ذلك أن يفاقم الأزَمة ويخلط الأوراق ويكون سبباً في بطئ الأداء الايجابي، ورغم ظاهرية ارتباط العنوانين من الناحية النظرية، لكنهما مختلفان تماماً في الأسس وفي التعامل وفي الإنتاج، وكذا الحال ينطبق على دمج وزارة العلوم والتكنولوجيا بوزارة التعليم العالي فلكل من هاتين الوزارتين معطيتات خاصة تعمل وتتعامل بها بالرغم على ما يمكن أن يبدو أنهما تلتقيان بمخرجات واحدة، وبالمقابل فلا ضير ولا ضرر من دمج وزارتي الثقافة بالسياحة على سبيل المثال.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group