بعد سنتين ، جاء اعتراف غير واضح من القوات الاسترالية حول تسببها في مقتل ثمانية عشر مدنياً في الموصل ، في معارك تحريرها . آلاف سوى هؤلاء مزقتهم الطائرات ودفنوا فيما كانوا يحتمون من القصف مجتمعين كعوائل لا حول لها ولاقوة في سراديب البيوت في البلدة القديمة بالجانب الأيمن من المدينة. غير انّه لم يعترف أحد حتى الآن بقتل أولئك الالاف الذين لا تزال جثث بعضهم تحت الانقاض . هكذا هي حروب المدن، أبشع انواع الحروب وأقذرها ،لأن فيها الطرف المدني الأعزل الذي لايملك سلاحاً . لا ندري هل قامت استراليا بتشغيل افلام وتسجيلات حرب الموصل واعادتها الى الخلف لترى ثمانية عشر مدنياً يتمزقون بقصف الطائرات أم انها تراجع كل أخطاء المعركة ؟ وهل تفعل دول اخرى ذلك أم انها مبادرة فردية لا تتكرر ؟.
انتهت حقبة الظلام في سيطرة داعش على الموصل ، ولكن التاريخ سيتحدث عن خطط عسكرية جرى تطبيقها ونجحت في تقليل خسائر المدنيين في الجانب الايسر من الموصل ، في حين ان الذي جرى في الجانب الايمن لا يمكن ان يتجاهله التاريخ حتى لو بعد مائة عام ، فما حدث شيء فوق الوصف . ربما العسكريون قبل سواهم عليهم التوقف والتأمل في صفحات تلك المعركة ، وكيف جرت الامور؟ واين مواضع الفشل والنجاح ؟وهل كان بالامكان تفادي الخسائر بين المدنيين العزل أم انّ ذلك لم يكن متاحاً ،كلية الاركان العراقية من اعرق الاكاديميات العربية العسكرية ، وهي الاجدر من غيرها في اعادة قراءة المعركة بتجرد وحيادية وبحسب عناصر العلم العسكري لكل صنف قتالي اشترك في تلك المعارك الكبيرة، التي لم يشهد التاريخ العربي مثلها منذ سقوط بغداد وتدمير بعض المدن السورية مؤخراً ايضاً .