الحلبوسي و"كرفان الاعلام"

علي حسين

13/03/2019

من موقع المسؤولية، أو الرؤية لعراق ما بعد 2003 تدخل رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في مسألة تجديد أروقة البرلمان حتى يليق بالسادة النواب، وتقدم بخطة ليطرد الاعلاميين خارج المركز الصحفي، الذي سيحوله الى مقر لإحدى الكتل السياسية، ورغم ان الحكومة صدعت رؤوسنا بالتقشف وطلبت منا شد الاحزمة على البطون، إلا أن للسيد الحلبوسي وجهة نظر أخرى، حيث يجد سيادته أن الأمر لن يكلف الدولة سوى ملايين قليلة من الدولارات، وفي العراق المليارات كثيرة، لكنها حكر على السياسيين.

هل من سبب لإبعاد الاعلاميين ووضعهم في كرفان خارج قبة البرلمان؟ القرار القرقوشي ايضا يقول أن لايحق للصحفي ان يلتقي بالنائب داخل البرلمان، وبعد في اعتقادي أن السياسي العراقي يشعر بالتعالي على الصحافة العراقية، ولا يهمه أبداً أن تذهب الصحافة أو تبقى، ولهذا نجد معظم المسؤولين العراقيين، يفتح أبوابه وخزائن ذاكرته لصحفي من جريدة عربية أو قناة فضائية أجنبية، لكنه يستنكف أن يجلس أمام صحفي عراقي، إلّا بشروطه ، التي هي أن يضع المكتب الإعلامي لفخامته الأسئلة ويجيب عليها، يضعون بينهم وبين الصحافة العراقية أسواراً من الحديد، لكنهم يهرولون وراء الصحف العربية، بل والبعض منهم يدفع أموالاً طائلة، لكي يظهر على صفحات إحدى هذه الصحف، ولا ننسى حكاية الوزير "السيادي" الذي دفع من أموال نفط العراق مئة ألف دولار عدّاً ونقداً، لإحدى الفضائيات العربية، لكي تنتج فيلماً وثائقياً عن "بطولاته"، وحكاية محافظ بغداد الاسبق الذي أصرعلى أن ينشر نشاطاته وجولاته على شكل اعلان مدفوع الثمن في صحيفة عربية، وسار على نهجه وزراء الصناعة والتربية والزراعة، الكلّ يدفع من أجل نشر صورهم وهم يقصّون شرائط لمشاريع وهميّة، هؤلاء أنفسهم يستنفرون قوّاتهم، حين يُدلي موظف صغير بتصريح لإحدى الصحف العراقية، حتى أنّ معظم الوزارات أصدرت "مشكورة" توجيهات بغلق الأبواب والنوافذ أمام وسائل الإعلام المحليّة، وعلى الصحفي حين يستخدم المعلومات أن يخفي نصفها حتى لا يتعرض الى مساءلة القانون، تكفي هذه الأمثلة لكي نسأل، إذا كانت الصحافة حقاً جهاز مراقبة كما أراد لها الدستور، فكيف تمنع من الجلوس داخل قبة البرلمان الذي هو ممثل الشعب الذي تعدّ الصحافة جزءاً من سلطته؟!، كيف بإمكان الاعلامي العراقي أن يقدّم المعلومة وهي يجلس في "كرفان" الحلبوسي؟!

المصدر// جريدة المدى

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group