على الحافة

قيس قاسم العجرش

27/03/2019

يسمونها "ترحيل الملفات"، وربما يصلح تسميتها بـ"أسلوب التأجيل" من أجل عبور المرحلة. كانت هذه سمة واضحة في المرحلة الماضية من العملية السياسية في بلدنا المفجوع دوماً بالعملية السياسية..أيضاً.
القصّة وما فيها، أن السياسيين يواجهون في كثير من الأحيان خارطة معقّدة بعد كل انتخابات، يصعب فيها إرضاء أكثر الأطراف. وما مشاركة هذه الأطراف أصلاً إلا من أجل لعب دور واقعي على أرض الفعل، بمعنى آخر من أجل حصّة في السلطة.
ربما يكون هذا التقليد قد كُسر في الإنتخابات الأخيرة، وفي تشكيل الحكومة الحالية. لكن الذي نتلمّسه أيضاً هو محاولة شغوفة من أجل الخلاص من تبعات سياسات (ترحيل الملفّات)، التي كانت نتائجها ليست بأقل كارثية من الخوض في الملفات نفسها.
بقيت كركوك(كمثال للملف المرحّل)، وهي تنتظر نتائج تأجيل البت في قضيتها، والتأجيل يتلوه تأجيل، وكانت النهاية هي الاضطرار الى ما حصل أواخر عام 2017، وهو آخر صورة عنفية ممكن أن يتحمّلها العراق بلا تبعات. الذي حصل وقتها، أن منطق القوّة فرض نفسه، وسرعان ما وجد الطرف المدرك للقوة أن عليه أن يُقدم على انتهاز الفرصة. وجرت صيرورة وضع كركوك الى الصورة الحالية، حيث لا اتفاق على مستقبل المدينة. يحدث هذا، في ظل غياب صورة الحل الدائم والجذري بين بغداد وأربيل. النتيجة مؤلمة، وثمنها غالٍ، لكن الأولى بوضوح هو عدم الانسياق وراء إغراءات الـتأجيل، باعتباره حلا يمكن أن يعبُر بنا المرحلة مؤقتاً. والـ(مؤقتاً)، تحوّل الى حقيقة مرّة هي الأخرى، وهي أن مجلس محافظة كركوك هو مجلس لم يُنتخب منذ عام 2005. يعني قد مضى جيل كامل وهو يرنو الى الحل الدائم، وهو مستعد أن يساهم في إيجاده.
اليوم، نجد محاولة واضحة لمقاربة الملفات المؤجلة. هذه المقاربة من حكومة السيد عبد المهدي، تستهدف الحلول الاقتصادية، باعتبارها السبب الاساس في استيلاد حلول سياسية أكثر ديمومة. لكن مع هذا، هناك ضرورة كبرى أن لا يتكرر الترحيل أو التأجيل. ولا سبيل للقوى السياسية سوى أن تتعاون من أجل صياغة صورة جديدة للمستقبل.

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group