ليس الآن ، وإنّما منذ عقود عديدة ، لم ينل قطاع الآثار في العراق أهمية قصوى من الحكومات ، بالرغم من إنّ العراق أحد أعظم المناطق الأثرية المهمة التي تحمل سمات إمبراطوريات وحضارات مختلفة مرّت من هذه البلاد وحكمت العالم . كان هناك اهتمام جيد نسبياً في بعض سنوات القرن الماضي ، لكن لم تستطع تلك الجهود تحويل العراق الى وجهة سياحية كبرى تضاهي الدول التي لا تمتلك ما ينافس الارث العراقي أصلاً . لنترك التاريخ القديم الممتد لقرون ، ونراقب البيوت التي بنيت قبل مائة وخمسين سنة ولها قيمة معمارية خاصة في ارث البلاد من دون أن نرى ما يحفظ ذلك الطابع المعماري ويحيله الى تركيب جديد في بناء مدننا المعاصرة . معظم تلك المدن المتوافرة على الابنية الاثرية لم تنل العناية وتحولت الى خرائب كما في البصرة والعمارة والناصرية وبعقوبة وسواها . في الحرب الاخيرة ، دمّروا المدينة القديمة في الموصل ، ومعظمها ذات قيمة أثرية كبيرة ، وبعد ذلك الدمار بقي أثر بسيط جداً متناثر هنا وهناك ، وكان من الممكن أن تكون هناك حصيلة أفضل لولا عملية تجريف المدن وازالة البيوت المهدمة بطريقة المحو ، تحت حجة إزالة الانقاض . الآن ، هل توجد لجان علمية آثارية تضع الخطط التي تراعي الاعتبار التاريخي للموصل القديمة في اية عملية بناء جديدة قد تحدث ، أم انّ المسألة ستمر من خلال عدم انتباه الناس المعوزين لمكان يأويهم بعد دمار بيوتهم الذين سوف يبحثون عن مجرد سكن بديل من دون التفكير بالطراز التاريخي النادر لبيوتهم المحطمة أو المزالة من أساسها في غفلة من الزمن ؟ هناك آثار في غاية الاهمية علينا أن نضعها في أية حسابات لإعادة اعمار مدننا المدمرة ، وإلاّ كنّا قد أسهمنا ( معهم ) في طمس جزء من معالم هويتنا.