يسود الاعتقاد لدى معلّقين وناشطين في انّ القسم الثاني من الربيع العربي أخذ يشق طريقه للظهور ، بعد انتهاء الموجة الاولى من الربيع المدمّى الذي غطى سوريا واليمن وليبيا مارّاً بتونس وقريباً جداً من العراق . ويشيرون بأصابعهم الى الحراك القوي في الجزائر الذي أدّى الى استقالة الرئيس بعد عشرين سنة في السلطة ، وكذلك الى الحراك المتدفق في السودان الذي أجبر الرئيس هناك الى الاقرار بمطالبات المحتجين المشروعة ، في خطوة وصفتها المعارضة بمحاولة إمتصاص زخم الشارع وتمييع الغضب الشعبي . ويستدرك آخرون بالقول أنّ ليبيا لم تستوف مرحلة التغيير فيها بقتل القذافي وازالة نظامه وأنّ الصفحة مفتوحة الآن لموجة دماء جديدة في ركاب التغييرات المستحقة . وفي حقيقة الامر انّ دولًا عدة منها سوريا واليمن وليبيا وحتى العراق لم تعش ربيعاً واحداً في عقد أو عقدين ، وإنّما لاتزال تتقلب من حرب الى أخرى ومن أزمة الى أزمة تحت مسميات وشعارات وتأويلات مختلفة ، من دون علامات واضحة للخروج من المستنقع الى الطرف الآمن ، ولكل دولة خصوصية في وضعها وأزمتها . الدول التي مرت في اختبار ما سمي بالربيع العربي ، لم يتحقق فيها الاستقرار السياسي الحقيقي المنشود، وانّما تعيش حروباً داخلية او خارجية بالانابة ، وفي النهاية فإنّ المنجز السياسي الذي هو حصيلة العمل من أجل التعايش والسلم الاجتماعي لايزال في حدوده الدنيا ليس أكثر ، وهذا يعني أن المخاطر باقية وإن كانت مستترة أو خامدة حيناً من الوقت . حسمُ أزمات السلطة وتداولها بشكل نزيه وحقيقي هو مفتاح الطريق للسلام ، ومن ثم هو بداية السير نحو الربيع المنشود