ليس ربيعاً جديداً

فاتح عبد السلام

11/04/2019

يسود‭ ‬الاعتقاد‭ ‬لدى‭ ‬معلّقين‭ ‬وناشطين‭ ‬في‭ ‬انّ‭ ‬القسم‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬أخذ‭ ‬يشق‭ ‬طريقه‭ ‬للظهور‭ ‬،‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الموجة‭ ‬الاولى‭ ‬من‭ ‬الربيع‭ ‬المدمّى‭ ‬الذي‭ ‬غطى‭ ‬سوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وليبيا‭ ‬مارّاً‭ ‬بتونس‭ ‬وقريباً‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬العراق‭ .‬
ويشيرون‭ ‬بأصابعهم‭ ‬الى‭ ‬الحراك‭  ‬القوي‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬الذي‭ ‬أدّى‭ ‬الى‭ ‬استقالة‭ ‬الرئيس‭ ‬بعد‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬الى‭ ‬الحراك‭ ‬المتدفق‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬الذي‭ ‬أجبر‭ ‬الرئيس‭ ‬هناك‭ ‬الى‭ ‬الاقرار‭ ‬بمطالبات‭ ‬المحتجين‭ ‬المشروعة‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬وصفتها‭ ‬المعارضة‭ ‬بمحاولة‭ ‬إمتصاص‭ ‬زخم‭ ‬الشارع‭ ‬وتمييع‭ ‬الغضب‭ ‬الشعبي‭ . ‬
ويستدرك‭ ‬آخرون‭ ‬بالقول‭ ‬أنّ‭ ‬ليبيا‭ ‬لم‭ ‬تستوف‭ ‬مرحلة‭ ‬التغيير‭ ‬فيها‭ ‬بقتل‭ ‬القذافي‭ ‬وازالة‭ ‬نظامه‭ ‬وأنّ‭ ‬الصفحة‭ ‬مفتوحة‭ ‬الآن‭ ‬لموجة‭ ‬دماء‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬ركاب‭ ‬التغييرات‭ ‬المستحقة‭ .‬
وفي‭ ‬حقيقة‭ ‬الامر‭ ‬انّ‭ ‬دولًا‭ ‬عدة‭ ‬منها‭ ‬سوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وليبيا‭ ‬وحتى‭ ‬العراق‭ ‬لم‭ ‬تعش‭ ‬ربيعاً‭ ‬واحداً‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬أو‭ ‬عقدين‭ ‬،‭ ‬وإنّما‭ ‬لاتزال‭ ‬تتقلب‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الى‭ ‬أخرى‭ ‬ومن‭ ‬أزمة‭ ‬الى‭ ‬أزمة‭  ‬تحت‭ ‬مسميات‭ ‬وشعارات‭ ‬وتأويلات‭ ‬مختلفة‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬علامات‭ ‬واضحة‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬المستنقع‭ ‬الى‭ ‬الطرف‭ ‬الآمن‭  ‬،‭ ‬ولكل‭ ‬دولة‭ ‬خصوصية‭ ‬في‭ ‬وضعها‭ ‬وأزمتها‭ .‬
الدول‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬في‭ ‬اختبار‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي‭ ‬،‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬فيها‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬الحقيقي‭ ‬المنشود،‭ ‬وانّما‭ ‬تعيش‭ ‬حروباً‭ ‬داخلية‭ ‬او‭ ‬خارجية‭ ‬بالانابة‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬فإنّ‭ ‬المنجز‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬حصيلة‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التعايش‭ ‬والسلم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لايزال‭ ‬في‭ ‬حدوده‭ ‬الدنيا‭  ‬ليس‭ ‬أكثر‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المخاطر‭ ‬باقية‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬مستترة‭ ‬أو‭ ‬خامدة‭ ‬حيناً‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ .‬
حسمُ‭ ‬أزمات‭ ‬السلطة‭ ‬وتداولها‭ ‬بشكل‭ ‬نزيه‭ ‬وحقيقي‭ ‬هو‭ ‬مفتاح‭ ‬الطريق‭ ‬للسلام‭ ‬،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬هو‭ ‬بداية‭ ‬السير‭ ‬نحو‭ ‬الربيع‭ ‬المنشود‭ ‬

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group