رجال الخدمة العامّة..أم الخاصّة؟

فاتح عبد السلام

04/07/2019

دائما‭ ‬تبدأ‭ ‬الحكومات‭ ‬أيامها‭ ‬الأولى‭ ‬بشعارات‭ ‬الخدمة‭ ‬العامة‭ ‬للناس‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬تتبدّل‭ ‬الصورة‭ ‬،‭ ‬ويتحوّل‭ ‬الناس‭ ‬الى‭ ‬أوساط‭ ‬مشبوهة‭ ‬وقليلة‭ ‬الثقة‭ ‬ومحل‭ ‬شك‭.

كيف‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬؟،‭ ‬ومَن‭ ‬يدفع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه؟

لاتزال‭ ‬العقليات‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬العرب‭ ‬،‭ ‬تعتقد‭ ‬أنّ‭ ‬النقد‭ ‬واشهار‭ ‬الرأي‭ ‬المخالف‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬لمنهج‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬هو‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬الشروع‭ ‬بالتخطيط‭ ‬لقلب‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬أو‭ ‬التمهيد‭ ‬لتنظيم‭ ‬سرّي‭ . ‬لذلك‭ ‬الانظمة‭ ‬العربية‭ ‬لا‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الحياة‭ ‬بسبب‭ ‬واحدية‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬يعني‭ ‬الخروج‭ ‬عليه‭ ‬تمرداً‭ ‬أو‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ .‬

في‭ ‬تجارب‭ ‬العالم‭ ‬المتقدم‭ ‬،‭ ‬هناك‭ ‬أولويات‭ ‬كثيرة‭ ‬تتقدّم‭ ‬على‭ ‬السياسة‭ ‬والسياسيين،‭ ‬فالمجتمعات‭ ‬هناك‭ ‬تخضع‭ ‬لقوى‭ ‬تأثير‭ ‬واضحة‭ ‬من‭  ‬سلطة‭ ‬القضاء‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬الكبيرة‭ ‬والجمعيات‭ ‬المدنية‭ ‬والخيرية‭ ‬وادارات‭ ‬البنوك‭ ‬والشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬ومراكز‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬والابتكارات‭ ‬والتخطيط‭. ‬لأنّ‭ ‬هؤلاء‭ ‬جميعاً‭ ‬يخدمون‭ ‬كلّ‭ ‬أنواع‭ ‬السلطات‭ ‬السياسية،‭ ‬ولا‭ ‬يوقفون‭ ‬عجلة‭ ‬الزمن‭ ‬عند‭ ‬حزب‭ ‬كبير‭ ‬أو‭ ‬حزب‭ ‬صغير‭ .‬

هذا‭ ‬الشيء‭ ‬لا‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬بلداننا‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬استقلالية‭ ‬الكيانات‭ ‬الخاصة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬حملت‭ ‬مسميات‭ ‬خاصة‭  ‬ومنفصلة‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭.‬

العمل‭ ‬المصرفي‭ ‬لاتلاحقه‭ ‬أغراض‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬أمنية‭ ‬وكذلك‭ ‬الجامعات‭ ‬ومراكز‭ ‬البحوث‭ ‬أو‭ ‬البنوك‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬الكبرى‭ ‬للقضاء‭ ‬المستقل‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة‭ .‬

الآن‭ ‬عندما‭ ‬نسمع‭ ‬مسؤولا‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬خدمة‭ ‬الناس‭ ‬وبناء‭ ‬الدولة‭ ‬،‭ ‬لايمكن‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬كلامه‭ ‬خارج‭ ‬هذه‭ ‬الموازين‭ ‬في‭ ‬الاستقلالية‭ ‬فإذا‭ ‬وافق‭ ‬كلامه‭  ‬وفعله‭ ‬معناها‭ ‬ومبناها‭ ‬،‭ ‬كان‭ ‬رجل‭ ‬الخدمة‭ ‬العامّة‭ ‬بحق‭ ‬،‭ ‬وخلاف‭ ‬ذلك‭ ‬يكون‭ ‬رجل‭ ‬الخدمات‭ ‬الخاصة‭ ‬لنفسه‭ ‬ولمن‭ ‬يقف‭ ‬وراءه‭ .‬

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group