جرى تمديد سن التقاعد الوظيفي في بريطانيا قبل تسع سنوات، ليكون الخامسة والستين بدل الستين، ويجري مدّه الى السابعة والستين في اطار خفض النفقات والاصلاح الاداري. غير أنّ هذا يلفت الانتباه الى إنّ المتقاعدين في شرائح وظيفية وعلمية معينة بإمكانهم تقديم خدمات كبيرة لتطوير العمل، لاسيما في العراق الذي تدنى فيه مستوى التعليم وتخرجت درجات علمية متواضعة الامكانات في العقدين الاخيرين مابين الحصار والحروب لأسباب موضوعية وذاتية.

باتت الجامعات اليوم تحتاج الى الخبرات العميقة والمتراكمة لدى الاساتذة المتمرسين الذين غادروا العمل الاكاديمي بسبب التقاعد الوظيفي، لكنّهم في قمة عطائهم ويستطيعون رفد المؤسسات العلمية والجامعية بالمفيد والاصيل من المعارف والعلوم والبحوث. الجامعات العراقية مدعوة لفتح الابواب أمام الأساتذة المتقاعدين لتحفيز الانشطة العلمية وتعزيز وضع الدراسات العليا وتنشيط حركة التأليف والترجمة والبحث العلمي.

الاساتذة المتمرسون والمتقاعدون ثروة للبلاد لايمكن أن تطوى صفحتهم بهذه السهولة لأسباب إدارية ووظيفة، ولابدّ من فتح ميادين جديدة للإفادة من خبراتهم. انّ الموازنات المالية لا تعجز عن تخصيص مكافآت معقولة لجهود هذه الخبرات العلمية في حال الاستعانة بها، لذلك لايبدو الصرف المالي والمخصصات مبرراً لحجب الافادة من تلك الخبرات.

وكذلك توجد حقول معرفية وهندسية وطبية من الهدر في الثروات البشرية إذا جرى إغفال خبرات المتقاعدين، وجلّهم مبدعون وعلماء ونوابغ.