هناك استياء عارم في نفوس العراقيين من صمت المجتمع الدولي على الاسلوب الدموي الذي يتم التعامل فيه مع المتظاهرين السلميين.
ليس من حق الولايات المتحدة السكوت أمام ذبح العراقيين المنتفضين ضد فساد يعم بلادهم وترعاه عناوين سياسية ودينية سنوات طويلة . واشنطن مدعوة لتعلن موقفاً رافضاً للقمع الذي يجري في بغداد والجنوب العراقي المنتفض.
صحيح انّ العراقيين لايأملون موقفاً من الولايات المتحدة ينتصر لهم ولكن مطالبهم تأتي من باب الحق الذي لا يسقط بالتقادم وهو في رقبة الدولة التي احتلتهم وشتت تكوينهم الاجتماعي والبنائي عبر اقرار المحاصصة الطائفية كأرضية دستورية قام فوقها كل شيء مرئي في العراق اليوم.
العراقيون يعلمون أنّ اصل البلاء كان من توليفة الاحتلال المستأنسة بالدولة المتربصة بالعراق منذ خمسة قرون ، وذلك حين جاءوا اليهم بأشخاص يعرفون تاريخهم جيداً ورأوا أداءهم المخزي والخارق لكل القوانين فترة طويلة ،ويعلمون مدى السخط الشعبي عليهم ، وبرغم ذلك لم تهتم الولايات المتحدة بالمعايير التي تتحدث عنها في الديمقراطية النقية وحقوق الانسان والعدالة ، وأضفت على السارق والقاتل شرعية حكم العراق ولاتزال.
لا نقبل تفلسف مَن يقول انّ الانتخابات العراقية هي التي جاءت بهذه الحفنة الفاسدة ، ذلك انّ الانتخابات فقدت شرعتيها من نسبة المشاركة المتدنية فيها.
كيف تقف عاجزة عن قول كلمة واحدة ، ولو من باب اسقاط الفرض ، هذه الولايات المتحدة وتريدنا أن نقتنع بحياديتها وعدم تدخلها في الشؤون الداخلية لبلد مستقل ، وهي التي تتدخل في كلّ شيء وأيّ شيء ، واحتلت العراق سنوات من دون قرار من مجلس الامن الدولي وسوقت لأكاذيبها التي اعترفت بها لاحقاً.
كفّروا عن جزء بسيط من الذنوب والخطايا الكبرى التي اقترفتموها بسكوتكم الطويل ، ولا يريد منكم العراقيون سوى أن توقفوا قتل المتظاهرين بما أوتيتم من قوة الدولة الاعظم في العالم ، ولا تجعلونهم يائسين الى درجة العدمية والكفر بمعنى الانسانية.
اسمحوا بتطبيق الدستور، برغم علّاته، والذي يسمح بحق التظاهر السلمي ويكفل حرية التعبير.
قولوا لهم انّ ساحة التحرير في بغداد، ليس لأحد مهما كانت عظمة منصبه وضخامة رأسه وطول ذيله السياسي ، منع العراقي من رفع صوته فيها ، وانّ هذه الساحة التي تستظل بنصب الحرية الشامخ ، ستشهد لا محالة ،عقاب الفاسدين والقتَلة ، ذات يوم عظيم ، وإن طالت الآجال.