أثيرت ضجة في الايام الثلاثة الاخيرة حول تقرير جديد في المجلة الامريكية فورن بوليسي يؤكد انّ فرصة انقاذ العراق لم يعد لها وجود، وانّ ادارة الرئيس ترامب تدرك ذلك، وهذا هو سبب وضوح بعض الاصوات في الادارة الامريكية تدعو للانسحاب من العراق. وتقول المجلة انه بعد الانسحاب الامريكي قبل سنوات أصبح البلد نظام غنائم ،وانّ إيران أفادت من ضعف بغداد. وانّ أيّ رئيس حكومة عراقية سيكون بيد الكتل السياسية ، ولن يستطيع فعل شيء. ولفت التقرير الى انّ واشنطن واقعة تحت ضغط فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط، وانّ العراق لم يعد أولوية . اذا كانت هذه الافكار فعلاً ما يشغل الادارة الامريكية فإنّ واقع الكتل السياسية وما زاد عليه من أذرع عسكرية هو نتاج أولى الخطوات التي قام بها الحاكم الامريكي الجاهل بول بريمر الذي ، إن حسنت النية فيه، لم يفرق بين إزاحة نظام حكم سياسي وتحطيم دولة كاملة كانت تعد من أقدم الدول الحديثة في منطقة الشرق الاوسط ولها ثقل في كل الملفات الاستراتيجية . لا أعدد ما فعله بريمر، فالكلام أعيد ملايين المرات على ألسُن العراقيين. وبرغم ما يدعيه التقرير المشار اليه ،لايمكن للادارة الامريكية أن تدير ظهرها للعراق، لأنها بذلك ستكون قد أدارت ظهرها لمصالحها الاستراتيجية عبر ملفات متصلة تمتد من مضيق هرمز حتى اسرائيل مرورا بملف ايران. كما انّ أية خطوة لتخلٍ أمريكي عن العراق، وقد شارف على الانهيار، ستعود بالفوضى على القرار الامريكي بشأن أية خطوة مقبلة ازاء إيران ،وهو ملف لايزال مفتوحاً في واشنطن على خيارات كثيرة ويقع العراق في صلب التعامل مع بعض مفرداتها، ومن هنا فإنّ ايران ذاتها قد تحتاج الى عملية خلط أوراق جديدة في العراق لتعقّد المشهد أمام الامريكان . ليست هناك وحدة قياس تدل على وضوح ما يمكن أن يتطور بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا مطلع العام المقبل ، فلا الغرور الايراني وانتهاز الفرص اليوم بمؤشر حقيقي على القوة، ولا الاحباط والتخبط والتردد الذي يطبع خط مسار السياسية الامريكية في الشرق الاوسط هو مثال دقيق لاستمرارية التوقعات بحسب اللاعبين المحليين في العراق أو ايران .