الربط السككي بين الشبهة والتفريط

د. جاسم الحلفي

17/09/2020
نظرا لقوة وفاعلية الفساد وإمتدادته في سلطات الدولة، وهو الحاضر في كل مشروع، حيث لم ينفذ مشروع في العراق الا وكانت للفساد نسبة حصة، يستثنى من ذلك حالات نادرة لأيادي بيضاء، حتى أصبحت حماسة المسؤول لتنفيذ مشروعا ما مصدر  قلق عند المواطنين،  وللقلق ما يبرره، إذ أثبتت الوقائع أن حماسة الفاسدين مرتبطة بما يحصلون عليه من الصفقة المشبوهة للمشروع المعين. مال الفساد، السحت الحرام، الكسب غير المشروع، هي الفواعل وراء تحرك الفاسدين وليس الوطن ومصلحة الشعب والحفاظ على موارده.
لذا كانت الريبة والشك في مكانها، من نوايا  طغمة الفساد، التي لم تمل ولم تكل في حركتها الدؤوبة وهي تتفنن بطرق الاتصال وأساليب الضغط وتنظيم حملات التسويق الخادعة،  ضمن مخطط استغفال خبيث لتمرير مشروع الربط السككي مع الكويت، وعرضه وكأنه فرصة لإنعاش اقتصاد البلد. والحقيقة الاقتصادية تقول ان الربط السككي مع الكويت او ايران كما مرت المحاولات الحثيثة سابقا، لا مكسب منه سوى تقاضي فتات المال، إذ لا يكون غير ممرا للترانزيت فقط، والموارد التي يمكن للعراق الحصول عليها هي رسوم مرور البضائع لا اكثر من ذلك.
التوقيع على مشروع الربط السككس، هو التوقيع على تنفيذ حكم الإعدام بميناء الفاو الكبير الذي  تؤكد الدراسات على ان  عائدات ميناء الفاو الكبير تقدر لو عائداته السنوية ٤ مليار دولار، الى جانب عشرات الآلاف فرص العمل التي يوفرها.
ويبدو ان الحكومة الكويتية حسبت بدقة، الجدوى الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية التي ستكسبها من خلال ذلك، حيث ستنعش ميناء مبارك، لذا فتحت يدها بسخاء، كما يتردد، واقدمت على دفع الرشاوى للمسؤولين العراقيين وزراء و نوابامن مختلف القوى وعلى  مدى السنوات الماضية، لهدفين الأول هو  تعطيل العمل بمشروع ميناء الفاو الذي استجاب الفساد وعطله منذ عام ٢٠١٠ولغاية الان، أما الهدف الثاني من الرشاوي هو التوقيع على مشروع الربط السككي، كي يحرم العراق من إمكانية يوفرها موقعه الجغرافي كي يكون ممرا يربط مصالح دول اسيا واوربا، التي سيتركز مساعيها على استقرار العراق، لما يوفره ذلك من  امكانيات تؤمن مصالحها.
اذا كان الدكتاتور الراحل، ونتيجة لسياساته الهوجاء ورعونة سلوكه، وتفرده بالقرار الذي يحدد مصير العراق، وحروبه العدوانية قد فرط بحقوق العراق، وتنازل لأيران عن شط العرب، وتنازل بذل للكويت، اثر توقيعه في خيمة صفوان على رسم الحدود، وبهذا خنق العراق وذلك للحفاظ على كرسي حكمه، فأن الفاسدين، اليوم، اكملوا على ما ضيعه الدكتاتور لنا من حقوق، وهاهم يتأهبون للتوقيع مرا أخرى، يدفعهم ذل الفساد للتفريط بمصالح العراق، ويغلقون منفذ الهواء على رئة العراق.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group