مصارف .. ومشاريع

عبدالزهرة محمد الهنداوي

05/06/2018

هل يمكننا القول ان القطاع المصرفي العراقي بات يشغل مساحة مناسبة تتناسب وقدراته المالية والاقتصادية في تحقيق التنمية في البلاد، ام انه مازال ينظر من خلف ستار لما يجري من تخطيط وتنمية من دون ان يقوى على تحريك اذرعه ليكون شريكا مناسبا في هذا المجال؟

اعتقد ان الاجابة على السؤالين ستكون نعم ولا في الوقت ذاته!!.. ولكن كيف يمكن لإجابتين تقفان على طرفي نقيض ان تجتمعا تحت سقف واحد؟.. ودعونا نقف عند اجابة السؤال الاول، الذي ستكون اجابته، نعم، وهذه النعم متأتية من خلال شواهد واضحة تشهدها الساحة العراقية وعلى وجه التحديد في العاصمة بغداد، التي باتت مسرحا لفعاليات تنموية وعمرانية مهمة تقف خلفها مؤسسات مصرفية فاعلة حكومية وخاصة، وهنا نشير إلى مشروع "الق بغداد" الذي تبنته رابطة المصارف العراقية الخاصة التي تضم بين ظهرانيها مجموعة من المصارف الفاعلة وبتعاون وتنسيق مع البنك المركزي العراقي ومصارف حكومية اخرى، بمشاركة منظمات مجتمع مدني، وتتضمن المبادرة تطوير وتأهيل الساحات الرئيسة في بغداد وينوف عددها على العشرين ساحة، ومن المؤمل ان يتم انجاز هذه الساحات برؤية فنية وجمالية، ما يعني اننا سنكون امام صفحة جديدة ستمنح بغداد القا وجمالا فنيا وعمرانيا رائعا وقبل نهاية هذا العام، ومثل هذه المبادرة الرائعة تؤكد بما لا يقبل الشك ان خطوات ومبادرات اخرى مهمة سيكون لها اثر واضح في الخريطة التنموية لعموم البلاد، كما ان من شأنها ان تشجع المترددين الذين يخشون الخوض في غمار التنمية،.. ومن المؤكد ان اي تنمية ستبقى عرجاء وغير قادرة على تخطي العقبات التي تواجهها ان لم يكن لدينا قطاع مصرفي فاعل، لان عملية تمويل المشاريع التنموية مهمة جدا،.. وقد اثبتت تجربة مشروع "الق بغداد" انه في حال توفر التمويل المطلوب مع وجود النية الصادقة للعمل تمضي المشاريع نحو الانجاز بنحو ينسجم تماما مع توقيتاتها الزمنية والكمية.

اما اذا انتقلنا إلى السؤال الثاني الذي بدأنا به الحديث، والذي هو الاخر يمكن ان تكون اجابته نعم، او لا، فبعض المصارف مازالت تراقب عن كثب من دون محاولة النزول إلى الساحة لتكون شريكة في العملية التنموية، وأتصور ان موقفا مثل هذا لا يعد ايجابيا لان العربة ستمضي بمن فيها، وان الزمن لم يعد يسمح بمزيد من الانتظار لمن يتخلف عن الصعود..، وأنا متأكد ان مبادرة «الق بغداد «لن تكون الاخيرة، بل ستتبعها المزيد من المبادرات هي ايضا ستكون متألقة، ولكن الاهم من هذا كله هو اننا نريد ان يكون لنا قطاع مصرفي فاعل وقادر على تغيير مسارات التنمية بنحو واضح، وقد بدأت ملامح مثل هذا الدور تظهر في الافق التنموي، من خلال العديد من الممارسات والفعاليات والخطوات الجادة، ومثل هذه الخطوات دفعت مؤسسات مصرفية عربية ودولية مرموقة، لان تنظر بإكبار واحترام لمؤسساتنا المصرفية، سواء كانت الحكومية او الخاصة، وان كان العديد من هذه المؤسسات المصرفية مازالت بحاجة إلى الكثير من العمل لتطوير واقعها بنحو افضل يجعلها قادرة على تقديم المزيد من الخدمات المصرفية المهمة للعملاء، فضلا عن دورها في تمويل مشاريع التنمية، بمعنى يجب ان يكون العمل بمسارين ، المسار الاول يتمثل بعملية التصحيح والتطوير وأتمتة العمل ومواكبة الانظمة المصرفية العالمية في هذا المجال، والمسار الثاني يتمثل بفتح افاق واسعة والدخول بقوة في الساحة الاستثمارية وفي شتى القطاعات التنموية، ومن المؤكد ان النتائج ستكون ايجابية بقطع النظر عن التحديات المتوقع ان تواجه مسيرة العمل المصرفي في العراق بنحو عام.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group