هياتم .. وخلية الازمة !

عاصم جهاد

01/08/2018

في خضم انشغالاتنا اليومية بقضية النقص الحاد في الطاقة الكهرومائية، وارتفاع درجة الحرارة الشمسية، وامتداد اللسان الملحي ووصوله الى "أبو موزة"! 
اتصلت زوجة جارنا أبو سعيد، وطلبت مني ضرورة التدخل السريع لمساعدة زوجها الذي يبدو أنه يمر بمشكلة أو أزمة كبيرة لم تفلح هي في معرفة الأسباب التي تقف وراءها، وأنه معتكف في غرفته منذ يومين ممتنعاً وصائماً عن الطعام والشراب وساكتاً عن الكلام المباح! 
أسرعت إليه مستفسراً عمّا يعانيه، وإذا به يلتفت يميناً ويساراً، ويقترب مني ويهمس في أذني -خشية أن تسمعه زوجته- لقد ماتت "هياتم" !
قلت: الى رحمة الله.. ومن هي هياتم..؟ هل هي خالتك أم عمتك؟
قال: لا.. لا.. يا أخي.. لا عمتي ولا خالتي ولا هم يحزنون.. إنها الفنانة والراقصة الجميلة "هياتم" وهنا لم يستطع إكمال جملته حيث سقطت دمعة حائرة.. لم يتمكن بعدها من حبس دموعه التي تساقطت على خديه بالجملة والمفرد !
قلت: الى هذه الدرجة كنت تعشقها؟
قال: نعم وأكثر من ذلك، كانت فتاة أحلامي التي أجد فيها سعادتي الحقيقية، والعلاج والحل لجميع مشكلاتي العاطفية والنفسية والسياسية والمجتمعية، حتى أنني طلبت من والدتي رحمها الله أن تختار لي شريكة حياتي، شرط أن تكون نسخة طبق الأصل من "هياتم" بلحمها وشحمها، لكن في ليلة الدخلة اكتشفت أنني تزوجت امرأة تمتلك قواماً لا يختلف كثيراً عن ما يوصف بـ "عصا موسى" حيث لا لحمة فيها ولا شحمة، وإنما هي عبارة عن هيكل عظمي يرتدي ثوب الزفاف، لا تعرف من الرقص الشرقي شيئاً سوى رقصة "الساس" التراثية !
قلت: وماذا بعد ذلك؟
قال: لقد كلما أصبت بصداع مؤلم في منطقة الرأس بسبب مُشكلة أو قضية، أو أزمة نفسية، أو بسبب استماعي الى تصريح أو خطبة أو مناظرة أو حوار سياسي، كنت أسرع لتناول قرص مدمج وليس قرص "أسبرين" او "باراستيول" لمعالجة الصداع والتخفيف من وجعه، وكان القرص يتضمن أحد أفلام "المرحومة" مثل "غريب في بيتي" أو "المتسول" أو.. فاصلاً لإحدى رقصاتها الشرقية وهي تخدم فيها القضية المصيرية، ولهذا - والقول لصاحبي- فإنك مع "هياتم" لا تحتاج الى تشكيل "خلية أزمة" لمعالجة المشكلات والقضايا والأزمات المستعصية التي تشهدها البلاد، فبهزّة واحدة من وسطها أو خصرها.. تنسيك مصائب الدنيا وما فيها!
ويسترسل جاري العاشق الولهان ويقول: كنت أجد فيها عشتار رمز الحب والجمال كما هي عند البابليين، ويقابلها لدى السومريين إنانا، وعشاروت عند الفينيقيين، وأفروديت عند اليونان، وفينوس عند الرومان... هي نجمة الصباح والمساء برغم وزنها الثقيل!
قلت والآن ماذا ستفعل؟
أجابني: سوف أعيش على ذكراها، وأقبّل صورتها يومياً تسعاً وتسعين قُبلةً وواحدةً أخرى حتى لو كنتُ على عجل!
قلت له: وهل تنسى "القضية المصيرية" ؟
قال لي: "القضية المصيرية" هي أصل المشكلة التي جعلتنا نتمسك بالمرحومة "هياتم"!
• ضوء
هناك من يرقص على آلام الفقراء، ويغني لهم على الوحدة والنص!

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group