الترقيع ليس حلا!

د.علي شمخي

08/09/2018

لم تتعامل المنظومة السياسية الجديدة في العراق مع مشاكل العراقيين بواقعية ولم تؤطر رؤاها وافكارها تجاه الحلول لهذه المشاكل بصدقية وحين يبرر رئيس الوزراء حيدر العبادي واعضاء حكومته مايحصل في البصرة من تدهور على كل المستويات بانه من موروثات النظام السابق او يحاول رمي تبعات مسؤولية الاخفاق والفشل على السنوات المنصرمة فانه هنا يدين نفسه ويدين فريقه الحكومي من حيث يدري او لايدري فالمنظومة السياسية الحاكمة تعلم والعراقيون جميعا يعلمون بان الدولة العراقية ومنذ دخول البلاد في مغامرات الحروب ومرورا بسنوات الحصار العجاف تعرضت الى الاهمال وماعاد النظام السابق قادرا على الايفاء بالالتزامات والحقوق التي كان الشعب العراقي يتطلع اليها والمتمثلة بالعيش الكريم وتوفير ابسط مستلزمات الخدمات وان البنى التحتية في العراقية قد اصابها التدمير والخراب وان كل مافعله النظام السابق هو حملات اعمار واصلاح المشاريع الستراتيجية التي تمكنه من البقاء من دون التفكير بتطويرها او توسيعها نظرا للعقوبات الدولية المفروضة عليه انذاك الا ان هذا الواقع المتردي استحال الى فاجعة وكارثة من خلال الاهمال والتهميش والفساد الكبير الذي مارسته الحكومات السابقة تجاه ملف الاعمار والبناء في العراق وخلافا لما هو متوقع لم يفعل المسؤولون في العراق لا في السلطة التشريعية ولا في السلطة التنفيذية اية خطط او افكار او اقتراحات جرى الحديث عنها والتبجح بالقدرة على انجازها سواء اكانت تلك التي تمخضت عن المؤتمرات الدولية لاعمار العراق او تلك التي تمخضت عن اجتماعات الجمعية الوطنية او مجلس الحكم او مجلس النواب او مجلس الوزراء فيما بعد وبقيت جل هذه الخطط والمشاريع حبر على ورق في وقت تفاقمت فيه مشاكل العراقيين في الشمال والوسط والجنوب وتضاعفت معاناة مدن كبيرة مثل البصرة جنوب العراق وترتب على هذا الاهمال والتهميش تصاعد موجات الغضب والسخط على الاداء الحكومي الفاشل وانشغال الاحزاب السياسية على مدى خمسة عشر عاما بمصالحها الخاصة وبرزت في العراق تحديات اكبر تمثلت بزيادة كبيرة في اعداد السكان وحاجتهم الى المزيد من الخدمات ولم تعد البنى التحتية تتسع او تكفي لتلبية التوسع في الانتشار السكاني على الارض وفي كل هذه التحديات لم تقدم الحكومات العراقية المتعاقبة سوى حلولا ترقيعية استهدفت تجميل عناوين احزابها السلطوية من دون الالتفات لاي اثار بيئية او صحية ناجمة عن القصور في اداء الوزارات العراقية عامة ووزارة الصحة والبيئة والاعمار والاسكان والتربية والتعليم خاصة حيث كابد ويكابد ملايين العراقيين من اجل حصول ابنائهم على حقوقهم مثلما يحصل في كل دول العالم ويمكن القول ان هذه الحلول الترقيعية التي دابت على تقديمها الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية هي ترجمة حقيقية لمرحلة الفشل والاخفاق وبالتالي فان حركة الاحتجاجات والتظاهرات التي يشهدها العراق هي رد فعل حقيقي وصادق لهذه الحلول ورفض لمحاولات الالتفاف والكذب بعد ان ادرك ابناء الشعب العراقي بان مايسمعه ومايقراه عن الانجازات هو مجرد وهم وان ماسطر على الورق لايتطابق مع مايعيشه على الارض .

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group