مزاج الخير!

عاصم جهاد

22/09/2018

يلعب "المزاج" الشخصي دوراً كبيراً ومؤثراً في الكثير من القرارات والمواقف والأحداث والظروف والقضايا سواء التي نعيشها أو التي نتعايش معها، فإذا كان مزاج المرء على (24حباية)، فإن نتائج ذلك ستكون إيجابية وطيبة على الصعيدين الخاص والعام... أما إذا كان المزاج عكراً ومكدراً بدرجة عشرة على عشرة على مقياس ريختر.. فيا ساتر استر وبالتأكيد ستكون النتائج وخيمة وعلى غير ما تشتهي السفن!

وإذا ما تصادف أن تعكر مزاجنا أحياناً نحن "الفقراء الى الله" لأي ظرف أو سبب كان فإن تأثير شظايا ذلك ستكون على نطاق محدود لا تتجاوز الدائرة أو الحلقة التي تحيط بنا من الأهل والأصدقاء والزملاء فقط... أما إذا تعكر أو تكدر مزاج السياسي أو المسؤول فقد يؤثر ذلك على مصير شعب أو مستقبل أمة بأكملها... وما أكثر القرارات "المزاجية" المصيرية التي اتخذها حكام وقادة وملوك ووزراء الأمة الربيعية الخالدة على مدى العقود الماضية الى وقتنا الحاضر، وما أسهمت به هذه "المزاجيات" من تمزيق وتفكيك وحدة شعوبهم.. وتراجع اقتصاديات بلدانهم وحرمان مواطنيها من ثرواتهم وزادتهم تخلفاً وفقراً وفاقة.

إن الظروف والأحداث الدموية والدراماتيكية والتاريخ الحزين لبلدنا.. ألقت بظلالها على المزاج العام للمسؤولين وللمجتمع بأسره، ما جعله -بشكل عام- متقلباً قلقاً يميل في كثير من الأحيان الى الغضب والتخبط والتوتر والتشتت والانهيار والتردد.. حتى لو كان ذلك بدرجات متفاوتة، ولهذا يجد علماء النفس أن للألوان علاقة مباشرة بأمزجتنا وسلوكنا أيضاً، فالعالم النفساني سيغمان مارتن يؤكد هذه الفرضية بعد توصله من خلال دراسة بهذا الشأن الى التأثير القوي لذلك ويعزوه الى التغيرات البايولوجية للإنسان.. وإذا كان العالم مارتن يجد في اللون الأسود هو الأنسب لملابس "السهرة" للمرأة وفق نظرية عشاق عبارة "من لبس السواد سبا العباد".. لأنه يشع بالفخامة ويجعلها (برنسيسة)، فإننا نعتقد بأن العالم مارتن كان سيغير رأيه لو علم أن نساءنا وأمهاتنا هن (برنسيسات) عن جدارة واستحقاق لأنهن سبقن اكتشافه في أهمية اللون الأسود منذ عقود.. بل دهور مضت واتخذن منه رفيقاً لا يفارقنه لا في صباحاتهن ولا مساءاتهن ولا سهراتهن ولا حتى في حلهن وترحالهن.. حتى تلونت أرواحهن وقلوبهن بالسواد بسبب فقدانهن لولد او زوج او اخ أو عزيز.. في معركة مجنونة او في تفجير ارهابي ، ولم تسنح لهن الفرصة لتجريب الألوان الأخرى واكتشاف تأثيرها على أمزجتهن ، يبدو أن هذا ما كتبه القدر عليهن...!

وإذا كان الحكيم مارتن ينصح باللون الأحمر أيضا لأنه يمنح بني البشر إحساساً بالحيوية والنشاط والطاقة والتجدد... فهو هنا يجهل أيضا أن العراقيين قد سبقوه في ذلك بعد أن اصطبغت مساجدهم وكنائسهم وبيوتهم وشوارعهم ومدارسهم وملاعبهم وحدائقهم باللون الأحمر وأصبحت عيونهم لا ترى إلا اللون الأحمر الطبيعي وهو لون دم الأبرياء الذي يُسفك هنا وهناك مجاناً.

والمزاج عند أهل اللغة ما يُمزج به من الشراب ونحوه، وكل نوعين امتزجا فكل واحد منهما مزاج.. ويجد البعض بأن هذه المفردة هي اشتقاق من الكلمة الآرامية "مزاج" وتعني أيضا "الطبع".

وقد تنضم مرغماً في يوم ما الى جمعية أصحاب الحظوظ السيئة.. عندما تكتشف أنك تعمل في زمن لا يُعرف لمزاج ساسته ثبات وقرار واستقرار، أو تواجه عند مراجعتك دائرة ما.. لإنجاز معاملة... موظفاً أو موظفة كان مزاجه أو مزاجها زمهريراً..!
وينصح العالم ابن القيم في كتابه "زاد المعاد " أصحاب الأمزجة بتناول الرطب أو التمر لأنه يقوي المعدة الباردة ويلين الطبع والمزاج!

فهل هذا يعني أن علينا أن ندس "التمر" في فم صاحب كل "مزاج رمادي".. نصادفه في طريقنا عسى أن نعدل مزاجه..؟

-ضوء
مزاج "المواطن" لابيقدم ولابيأخر!

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group