نوبل ناديا مراد.. لمَن ؟

فاتح عبد السلام

07/10/2018

لو تعرفون كم يمتلك أبناء الطائفة الايزيدية من تقاليد عريقة في حشمة النساء وأخلاقهن الرفيعة وتمسكهن بالعادات المحاكية للفضيلة وحب الارض وشجاعة الرجالومروءتهم المجبولة بتراب وادي الرافدين، لشعرتم بجزء من الوحشية التي استباحتهم وكانوا آمنين مسالمين في قراهم بعد أحد عشر عاماً من تغيير الحكم السياسي وانتقاله الى العهد الجديد الذي لم يحمهم ولم ينصفهم بعد وقوع المصيبة عليهم.

حين وقعت المأساة في قرى سنجار، روى لي أحد القادة العسكريين العراقيين القدامى  مستذكراً شيئاً من أيام الحرب مع ايران قائلاً: كنتُ لا أطمئن إلاّ حينما أجد بين ضباط وجنود الوحدات التي تحت قيادتي عدداً من اخوتي الايزيديين، كانوا مقاتلين أشداء صبورين  مخلصين لايغدرون بالذي يعاهدونه على أمر، محبين للعلم العراقي .

 في غفلة من الزمن حدثت المأساة الكبرى وذبح الرجال واستبيحت النساء، وكانت وحوش داعش  في أوج استباحتهم لمدن وبلدات وقرى، ولا أحد يقف أمامهم، في حين انّ كل معلومات اجهزة الاستخبارات اجمعت على انّ عددهم كان قليلاً بالقياس الى قوة فرق عسكرية متكاملة اختاروا لها الانسحاب من دون قتال لتقع الكارثة التي فاجأت المدنيين، وكانت الطائفة الايزيدية الأكثر انسحاقاً فيها.

اليوم، يقف العالم معترفاً بتضحيات هذا الجزء الأصيل من الشعب العراقي من خلال تكريم احدى ضحايا الارهاب، ناديا مراد التي قتل داعش ستة من أشقائها ووالدتها وأخذوها سبية، حتى تمكنت بعد ثلاثة أشهر من الهروب من أوكار داعش في الموصل وعادت الى ماتبقى من أهلها .

قادت ناديا مراد بروحها التي لا تعرف الهزيمة وبمساعدة من منظمات ايزيدية ذات طابع اهلي وشخصي حملة في العالم من اجل ضحايا الايزيديين لاسيما المسبيات على يد داعش، ونجحت في ايصال صوتها الذي هو صوت الرازحين تحت الظلم والظلمات، من دون أن يكون لأية جهة حكومية بالعراق دور في تلك الحملة. بل إنّ كمّاً كبيراً من زبد السياسيين الطافي حاول تجاهل التعليق وادانة تلك الجريمة الكبرى ضد الانسانية، واليوم نسمع من أولئك مَن يتغنى بفوز ناديا مراد بالتكريم العالمي الكبير .

المأساة لم تنته، ويمكن أن تتكرر ضد فئات أو طوائف أخرى أو الطائفة ذاتها ، تحت مسميات مختلفة وفي ظروف تفرزها تطورات لا أحد يعلم بها في منطقة تقف على كف عفريت، ولا تزال الصواريخ البالستية تتقاذفها الدول من فوق العراق من دون أن يتذكر احد انّ هناك بشراً تمر من فوقهم صواريخ قد تخطيء اهدافها وتصيبهم. أقول هذا في سياق فرضية قريبة من التداول، لو أرادت تلك الدول أن تمارس دوراً جديداً من أجنداتها السرية في حروب جديدة ميدانها ارض العراق التي تثبت الوقائع يوماً بعد آخر انّ سيادتها نسبية في الواقع ومتكاملة غير منقوصة على ورق الدستور .

لكن اللافت انّ أحداً لا يذكر ذلك الشاب الموصلي العربي المسلم الذي خاطر بحياته من أجل انقاذ الشابة الايزيدية ، وقصته معروفة ومتداولة ،حيث يكافح لتقبل المانيا لجوءه فيها، لكن نوبل تبقى جائزة عوراء، تنظر الى الناجي وتنسى المنقذ.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group