وزارات النخبة

د.علي شمخي

24/10/2018

تبدو مشاورات تشكيل الحكومة العراقية محفوفة بمخاطر العودة الى السياقات السابقة التي جرى فيها التحكم بمقاليد الاختيار والتنازع حول هذه المهمة وعلى الرغم من الوعود والتعهدات التي تم قطعها امام رئيس الوزراء عادل عبد االمهدي من قبل مجموعة من الاحزاب والكتل السياسية الا ان واقع الامور يشي بان هناك ثمة تراجع عن هذه الخطوة فما يترشح من اخبار حول هذا االموضوع يشير الى وجود رغبة جامحة لبعض التيارات السياسية للدخول في معترك الاختيار والتدخل لفرض اسماء بعينها او معارضة اختيار اسماء جرى تداولها او تم ترشيحها وهذا يعني بان هناك ارادات متقابلة او متعاكسة ستعيق سرعة حسم تشكيل الحكومة وتقف حجر عثرة امام رؤية عادل عبد المهدي وسعيه لانجاز مهمة اختيار الكابينة الوزارية ضمن التوقيتات الدستورية المحددة وفي خضم هذه الاجواء المشوشة فاننا نعيد التذكير من على هذا المنبر بالاسس والمعايير السليمة التي تتيح تحقيق الاصلاح والتغيير في العراق والتي لطالما نادت بها الملايين من الشعب العراقي من خلال التظاهرات والاعتصامات ومن خلال البيانات والاجتماعات لمنظمات المجتمع المدني والناشطين في مجال الحرية وحقوق الانسان ودعمتها حركات الاحتجاج لبعض الرموز الدينية ومؤيديها في الاوساط الشعبية ويبدو ان المطالبات بتشكيل حكومة عراقية مستقلة تضم كفاءات مخلصة ونزيهة لايزال حلم بعيد المنال عن تطلعات الشعب العراقي فهناك اليوم من يتطلع في اوساط المثقفين العراقيين لاختيار وزير ثقافة عراقي من خلال اختيار النخب والكفاءات في ميادين الثقافة والادب وهناك من يريد اختيار وزير داخلية عراقي مشهود له بالكفاءة ويتمتع بالخبرات الامنية وينتمي الى المؤسسة الامنية وهناك من يتطلع لاختيار وزراء للزراعة والصناعة والتجارة والتربية والتعليم العالي وغيرها من الوزارات االعراقية اكفاء وقادرين على ادارة وزاراتهم لانهم الاقدر والاكفء فيها ولانهم خرجوا من رحم هذه الوزارات فكرا وعملا ولربما يتساءل البعض من اين ناتي بمثل هؤلاء وكيف يتم العثور عليهم فنقول له ان الوزارات العراقية متخمة بمثل هؤلاء والبيوت العراقية يجلس فيها اليوم العشرات من هؤلاء النخب وبلاد المهجر مترعة بالمبدعين العراقيين في مجالات الصحة والفن والتعليم والصناعة والمالية وغيرها من الاختصاصات المتطورة وان المشكلة ليس في عدم العثور عليهم ولا في عدم معرفة اسمائهم المشكلة الحقيقية هي عدم وجود ارادة حقيقية للتوجه اليهم او السعي لاختيارهم والمشكلة ايضا في اصرار بعض التيارات السياسية على عدم التفريط بالمحاصصة الحزبية واعتبارها ميزانا عادلا لتقاسم العناوين والمناصب ومادام اهتمام هذه التيارات منصبا في هذه الدائرة فان الامل ضعيف بخروج العراق من مساحات العتمة الى مساحات الضوء فالجميع هنا بانتظار وزارات النخبة االتي يمكنها ان تطيح بعنايون الفشل والفساد وتكسر ارادات التخلف وان تبعث الامل بولادة عراق جديد يمنح الفرصة للمبدعين والكفوئين والمخلصين والنزيهين بان يؤدوا دورهم في الوزارات العراقية ويدعمون الهوية الحقيقية لها ويقتربون اكثر من هموم ابناء الشعب العراقي بمختلف اهتماماتهم .

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group