التخلي.. او البقاء في الوهم!

د.علي شمخي

29/04/2019

قد تبدو الدعوات الى مغادرة المحاصصة في الحزبية في اسناد المناصب وتشكيل الحكومات والمجالس المحلية في العراق وهما كبيرا في ظل الاصرار والمكابرة التي تبديها جهات حزبية ماتزال تمارس دورها التاريخي في مرحلة مهمة من المراحل التاريخية التي يمر بها المجتمع العراقي فقد عبر قادة وممثلون لهذه الاحزاب عن ايمانهم العميق بالبقاء في حلقة المحاصصة ورفضوا مغادرة هذا الدور وهذه الحقبة التي لحق بالشعب العراقي بسببها الضرر الاكبر واهدرت في ظلها ثروات طائلة كان يمكن استثمارها في بناء مدن العراق ويتحجج هؤلاء المتشبثون بهذا النهج بفهم مشوه للعملية الديمقراطية ويمنحون بقاءهم في هذه الدائرة شرعية زائفة مبنية على تقاسم المناصب وفقا للنتائج التي تفرزها الانتخابات التشريعية ويدعون بان التخلي عن هذا الخيار يعني ببساطة عدم احترام خيارات الشعب العراقي ويحاولون خداع هذا الشعب بتفسيرات قد تبدو منطقية في ظاهرها لكنها في جوهرها وفي نهاية المطاف مازالت تشكل اكبر عملية التفاف على العمل الديمقراطي فتجربة السنوات السابقة من العمل السياسي كشفت بشكل كاف بأن البقاء في نهج المحاصصة يعني البقاء في اطر الفشل وتدوير المصالح الذاتية لاحزاب واشخاص معينين وتوسيع الهوة بين المخلصين والاكفاء والنزيهين والمناصب والادارات لمؤسسات الدولة العراقية من هنا فان جميع الدعوات والتوجهات التي جرى اطلاقها او تم الشروع بها من قبل رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لمغادرة هذا النهج قد جرى وأدها في مهدها وفي لحظة انطلاقها مع ترك السيد عبد المهدي يتحدث وحده عن هذا السعي من دون ان يرافق ذلك عمل جاد وحقيقي من قبل الاحزاب والكيانات السياسية التي شكلت تحالفاتها داخل قبة البرلمان ومن ثم انتقلت لمواصلة جهودها ومشاوراتها لتقاسم المناصب وفقا لنتائج الانتخابات التي شكلت معالم حضورها في مجلس النواب واصبح اليقين الحقيقي ان تتخلى الاحزاب في العراق اولا عن اطماعها بالحصول على اكبر قدر ممكن من دوائر العمل التنفيذي من اجل الاقتناع بان تغييرا حقيقيا قد حصل في العراق يطمئن له الشعب العراقي ويصدق به المتشائمون من الوصول الى هذا التغيير وقد تشكل التصريحات الاخيرة لبعض المسؤولين عن وجود صفقة كبيرة بين الاحزاب المشاركة في العملية السياسية لتقاسم آلاف المناصب في الوظائف الحكومية صدمة كبيرة للملايين تكرس بقاء العراقيين في دائرة الوهم وتعمق من خيبتهم الكبيرة في دعوات الاصلاح المتعددة التي تكاثرت من كل حدب وصوب ونتمنى ان تكون مثل هذه الصفقة مجرد شائعات .

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group