تصنيع الأكاذيب لإشاعة الكراهية

فاتح عبد السلام

18/05/2020

بالرغم‭ ‬من‭ ‬انها‭ ‬اجراءات‭ ‬استثنائية‭ ‬تحيل‭ ‬الى‭ ‬نزوع‭ ‬نحو‭ ‬قوانين‭ ‬طوارئ‭ ‬كونية‭ ‬مفروضة‭ ‬على‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬،‭ ‬إلا‭ ‬انّ‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬تويتر‭ ‬وفيسبوك‭ ‬في‭ ‬ملاحقة‭ ‬ما‭ ‬تسميه‭ ‬الاخيار‭ ‬المضللة‭ ‬والمزيفة‭ ‬الخاصة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭ ‬جهد‭ ‬يستحق‭ ‬الوقوف‭ ‬عنده‭ ‬،‭ ‬منهاً‭ ‬لزيادة‭ ‬حالة‭ ‬الهلع‭  ‬والتضليل‭ ‬والتسويق‭ ‬لنظريات‭ ‬ومواقف‭ ‬لاتمت‭ ‬بصلة‭ ‬الى‭ ‬الواقع‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬مكانها‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬سينما‭ ‬هوليوود. ‬
يبدو‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬جهداً‭ ‬استثنائياً‭ ‬في‭ ‬هاتين‭ ‬الشركتين‭ ‬الأشهر‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬للتصدي‭ ‬للاخبار‭ ‬التي‭ ‬نجهل‭ ‬مصادرها‭ ‬الحقيقية‭ ‬وتنتشر‭ ‬أسرع‭ ‬من‭ ‬اي‭ ‬خبر‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬زعيم‭ ‬او‭ ‬حكومة‭  ‬وتتعب‭ ‬عليه‭ ‬قنوات‭ ‬وصحف‭ ‬كبرى،‭ ‬انّها‭ ‬صناعة‭ ‬اعلامية‭ ‬جديدة‭ ‬للافراد‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬الاخير‭ ‬فرحا‭ ‬بها‭ ‬كونها‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬تحرر‭ ‬الانسان‭ ‬من‭ ‬احتكار‭ ‬الاجهزة‭ ‬الاعلامية‭ ‬واحتكاراتها‭ ‬للبث‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ان‭ ‬انقلب‭ ‬على‭ ‬الضد‭ ‬من‭ ‬الفوائد‭ ‬المرجوة‭ ‬،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬مثير‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭.‬
‭ ‬لكن‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬في‭ ‬فرز‭ ‬الصحيح‭ ‬من‭ ‬الزائف‭ ‬لم‭ ‬تكرس‭ ‬سابقاً‭ ‬لملاحقة‭ ‬الاخبار‭ ‬والبيانات‭ ‬الكاذبة‭ ‬التي‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬الكراهية‭ ‬والانقسام‭ ‬والتناحر‭ ‬والحروب‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬والاديان‭ ‬والمذاهب‭ ‬وحتى‭ ‬القبائل‭ ‬والعشائر‭ . ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬مواقع‭ ‬الشبكة‭ ‬العالمية‭ ‬تحتفظ‭ ‬بصور‭ ‬الطيارين‭ ‬الامريكان‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يوقعون‭ ‬بعبارات‭ ‬بذيئة‭ ‬للغاية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬وليس‭ ‬نظامه‭ ‬السياسي،‭  ‬على‭ ‬الصواريخ‭ ‬التي‭ ‬تحملها‭ ‬طائراتهم‭ ‬وهم‭ ‬يتجهون‭ ‬لقصف‭ ‬اهداف‭ ‬اغلبها‭ ‬خدمي‭ ‬ومدني‭ ‬في‭ ‬العراق‭ . ‬إنّ‭  ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬الاصطلاح‭ ‬عليه‭ ‬بالحقد‭ ‬التاريخي‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬لا‭ ‬يتشكل‭ ‬من‭ ‬فراغ‭ ‬،‭ ‬وانّما‭ ‬هو‭ ‬عملية‭ ‬تصنيعية‭ ‬دقيقة‭  ‬تنبري‭ ‬لها‭ ‬شركات‭ ‬دعاية‭ ‬واجهزة‭ ‬استخبارات‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬بلوغ‭ ‬اهداف‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬آنية‭ ‬كالحروب‭ ‬القصيرة‭ ‬،‭ ‬لكنها‭ ‬تترك‭ ‬آثاراً‭ ‬عميقة‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬البشرية‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬تنفع‭ ‬في‭ ‬علاجاتها‭ ‬الدعوات‭ ‬نحو‭ ‬التضامن‭ ‬الدولي‭ ‬والسلام‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬واعلاء‭ ‬شعارات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الانسان‭ .‬
جميع‭ ‬الوسائل‭ ‬الاعلامية‭ ‬الفردية‭ ‬والعامة‭  ‬والحكومية‭  ‬في‭ ‬زمني‭ ‬السلم‭ ‬أو‭ ‬الحرب‭ ‬والمراسلات‭ ‬الشخصية‭ ‬العلنية‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مرمى‭ ‬المحاسبة‭ ‬اذا‭ ‬دعا‭ ‬أي‭ ‬منها‭ ‬الى‭ ‬قتل‭ ‬الشعوب‭ ‬بدعوى‭ ‬انحراف‭ ‬حكّامها‭ ‬وفساد‭ ‬أنظمتها‭ ‬السياسية‭ ‬،‭ ‬فالمفاضلة‭ ‬بين‭ ‬الحكّام‭ ‬عسيرة‭ ‬وصعبة‭ ‬أصلاً‭ . ‬
الفضاء‭ ‬الافتراضي‭ ‬بات‭ ‬ملوثاً‭ ‬ومثقلاً‭ ‬بالنفايات‭ ‬السامة‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬تنقيته‭ ‬،‭ ‬تلك‭ ‬مهمة‭ ‬أصعب‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬اختراع‭ ‬وسيلة‭ ‬تواصل‭ ‬اجتماعي‭ ‬أو‭ ‬وسيلة‭ ‬إعلام‭ ‬عامة‭.‬

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group