السابع من أكتوبر لم يكنِ السبب
عبد الرحمن الراشد
قبل 4 ساعة
هناك أمرانِ كانا متوقعين قبلَ السَّابع من أكتوبر عام 2023؛ «حماس» ستنفذ عملياتٍ عسكرية، وإسرائيل لديها قائمة أهداف إقليمية تنوي تدميرها. ما حدث أعطى رخصة لإسرائيلَ لتقوم بكل ذلك دفعة واحدة.
طبعاً، «حماس» تلام على الانهيارات والمآسي. أولا أن هجماتِها كانت مجزرة ضخمة بمقاييس العملياتِ الفلسطينية، وكان من بين أهدافِها أطفال ونساءٌ ومدنيون، وتلام على أنها تسببت في إطالة أمد المأساة، وكانَ بإمكانها أن تقدم التنازلاتِ نفسِها قبل أكثر من عام لتحقن دماءَ عشراتِ الآلاف من أهالي غزة الذين قضوا بسبب «حماس».
هجماتُ السابع من أكتوبر سرعت بالتغييرات التي كانت إسرائيل ترغب في تحقيقها وإنْ على مراحل مختلفة.
هذه التغييرات شملت تدمير قدرات «حزب الله»، وقطع الشريان الإيراني في سوريا، وتعطيل مشروع إيران النووي والباليستي، وكذلك تحجيم «حماس». وكلها كانت مشاريع أهداف إسرائيلية قبل السابع من أكتوبر.
ما فعلته «حماس» هو أنها ساعدت وسرعت بالتغييرات التي كانت ترسمها إسرائيل. كانت هجمات «حماس» في أكتوبر مثل إغلاق الرئيس جمال عبد الناصر مضائق تيران في 1967. فقد أساءَ الرئيس المصري التقدير، وكانت إسرائيل تنتظر المناسبةَ لحسم المواجهاتِ مع مصر وسوريا والأردن. عبدُ الناصر قامَ بإغلاق مضائقِ تيران في البحر الأحمر، وهي الممرُ البحريُّ لميناء إيلات الإسرائيلي الذي أصبحَ محاصراً.
إسرائيل اعتبرت الإغلاق عملاً عدوانياً وبعد أسبوعين شنَّت حربَها الواسعة. حجمُ الحرب وسرعتُها بيَّنَا أنَّ إسرائيلَ كانت مستعدة. ففي ستةِ أيامٍ فقط استولت على سيناء، التي مساحتُها أكبرُ من إسرائيلَ ثلاثَ مرات، واستولت على الضَّفة الغربيةِ الأردنية وهضبةِ الجولان السورية.
العمليات الضخمة والدقيقة التي قضت على قادة «حزب الله»، وقتلتْ وجرحتْ نحوَ أربعة آلاف من منسوبي الحزب في عملية «البيجر» الشهيرة، وقضت على الصَّف الأولِ من قادة «الحرس الثوري» الإيراني، وأَّدت عملياتُها إلى سقوط نظام بشار الأسد.
ما ارتكبته «حماس» في السَّابع من أكتوبر فعَّلَ الخطةَ الإسرائيلية الذي كانَ يمكن أن تنجزَها في مناسباتٍ متفرقة لاحقاً.
إلى الآن لا نستطيع أن ندركَ لماذا قامت «حماس» بذلك الهجومِ الضَّخم الذي كانَ من المتوقع تماماً أنْ يتسبَّب في الهيجان الإسرائيليّ وتدميرِ «حماس» وكلّ من كانَ سيقف معها.
حديثُ إسماعيل قآاني قائدِ «فيلق القدس» المعني بإدارة نشاطاتِ إيرانَ العسكرية في المنطقة، تحدَّث في مقابلة له هذا الأسبوع عن «طوفان الأقصى». ليس واضحاً ما إذا كانَ الإيرانيون طرفاً في ترتيباتها.
يقول: «في يوم عمليةِ طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر، وصلتُ إلى لبنانَ في المساء. كنتُ أفكّر في الطريق: كيفَ سأناقش هذا الحدثَ مع السيد حسن؟ وما الواجبُ فعله؟ وما الذي يجب تجنّبه؟». العمليةُ وقعت بعد السَّاعة السادسةِ صباحاً وهو وصلَ ليلاً. ويمضي قائلاً: «في تلك الليلة، كنت ضيفاً عنده... لم يكنْ لدينا نحن ولا السيد حسن أيُّ علمٍ مسبق بهذه العملية. حتى قيادة (حماس) نفسها لم تكن تعلم؛ إذ كانَ إسماعيل هنية متجهاً إلى العراق ضيفاً للحكومة، فعادَ من المطار بعد سماع الخبر».
ثم يقول: «كانت للعملية خصائصُ خاصة تتطلَّب أعلى درجات السرية».
الأرجح أن إيرانَ طرفٌ في التخطيط والترتيب وربَّما فوجئت بنتائجها المروعة، ولهذا آثرتِ الهروبَ وترك «حماس» لمصيرها. وقد نصحت نصر الله ألَّا يدخل في المعركة لتجنب المواجهة المحتملة، إلَّا أنَّ نصر الله دخل متأخراً بعملياتٍ محدودة كانت كافيةً لتقوم إسرائيلُ بتدميره.
للحديث بقية.
ترددات نوا