فلسفة جزاع غابت عن فيس بوك

زيد الحلي

08/08/2020

بعد، بُعد عن الكتابة الصحفية، او الابتعاد، اطل الزميل د. طه جزاع من على صفحات (الزمان)، بأسلوبه الجميل وافكاره الأجمل، بمقالات بدأها في نيسان الماضي، في مقال شفيف بعنوان (بشر تحت الحظر) بين سطوره الكثير من النهج الفلسفي الذي يتبناه، ثم اعقبه بآخر، زادت في سطوره الأفاق الفلسفية بعنوان ( بطة صينية على مائدة هيكل).. ثم كرّت مسبحته، لتتحفنا بمقالات عن ( سنة الفأر الصينية، وفايروس على طريق الحرير، والصين بعيون عربية، وتنين الصين المتواري خلف السحاب ) الخ.. وكنا نقرأها بشغف من على صفحات جريدتنا الرصينة ” الزمان ” في موعد نشرها الاسبوعي، لكن كثيرين اعتادوا  ايضا متابعتها من على الصفحة الشخصية للزميل طه جزاع في الفيس بوك، حيث يتواصلون معه في ناقشات علمية وفلسفية، حول افكاره وما جاء على لسان الكُتاب والمفكرين الذين يأتي على ذكرهم في كتاباته..
غير ان الكاتب، توقف عن اعادة نشر كتاباته في الفيس بوك، منذ مقالته (النزعة الصوفية عند التاوية الصينية) في 22  تموز الماضي،  مكتفيا في نشرها على صفحات الجريدة، وبذلك فقدنا منبرا حيوياً  ثراً في نقاش موضوعي، اعتدنا عليه… وحين استفسرتُ منه، اجابني بما معناه : ان المقالات طويلة، ولا يتحملها حيز الفيس بوك.. وشخصيا، لم اقتنع بهذا الجواب، فالفيس بوك، ليس مساحة للنشر، بل واحة للنقاش وابداء الآراء وفهم صدى الاخر.
لستُ مجاملا في قولي، ان د. طه، قدم لقراء (الزمان) وانا منهم، مفهوم الفلسفة على طبق من البساطة المعمقة، وهو اسلوب صعب جدا في الكتابة والتأليف، فكثير منا، تاهَ وسط التعريفات الكثيرة والمتنوعة لهذا المفهوم، وكل ما تم تداولُه من تعاريف حول مفهوم الفلسفة هي تعاريفُ تقريبية، وبعضها مستنتَج من المواضيع التي تعالجها الفلسفة. لكن، التعريف الأكثر شيوعاً وذيوعا، هو: ” إن الفلسفةَ هي حب الحكمة ” والفيلسوف هو ” المحب للحكمة أو الباحثُ عنها “
واحسستُ من خلال قراءاتي لموضوعاته الاخيرة  التي انا بصددها، وكتبه وطروحاته السابقة، انه يؤكد مفهوماُ آخر للفلسفة، فهي عنده كل الأسئلة والأفكار والاستنتاجات والتفسيرات العقلية التي تناقش الموجودات وتهدف إلى الوصول إلى أسباب وعلل وجودِها.. وآمل ان لا اكون على خطأ في رؤاي.. فموضوعة الفلسفة، لاسيما التي يقدمها د. طه جزاع لقارئه بأسلوبه المعروف، كما ذكرتُ سابقا بمقال لي في هذا الحيز، “هي المادة الاكثر تفكيكا للفلسفة الصينية، التي تربعت على مساحة النقاش عالميا منذ آلاف السنين، بأسلوب فلسفي، مغلف بتراكم الخبرة الصحفية، وعرض سلس لروحية الاطر العلمية، ومناقشة ما كتب من دروس في الفلسفة الصينية، بأنواعها، وفق تنظيم منسق يجذب القارئ، ويضع الفكرة بشكل كامل أمامه، من خلال البدء بالأهم ثم الأقل أهمية، فالأقل، وهذا اسلوب، يبدو سهلاً، لكنه الاكثر اعجازا في الكتابة، فهو يبعد الروح من الرواسب، وينقي النفوس من اوهامها”.
اخيرا، وبقصار الكلم، ادعو زميلنا العزيز الى اعادة  نشر موضوعاته في (الزمان) على صفحته في الفيس بوك، فمن حق المتابعين الاطلاع وفرش سجادة النقاش.. مع الود.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group