في بيتنا.. فاشية

عبد المنعم الاعسم

09/01/2021
* الفاشية في علوم السياسة، اعلى تغوّل للاستبداد السياسي والاجتماعي، وطور لانفلات القمع وهوس استئصال وإذلال الآخر بالقوة والابادة، يظهر في سلوك السلطة، وايضاً (انتباه) في سلوك جماعات قومية ودينية وعقائدية على حد سواء، تحت شعار (تخالفني اقتلك) وقد نشأت اول الامر على يد السياسي الايطالي "بنيتو موسوليني" قبل مائة عام، وطورتها انظمة الاستبداد وقطعان الشارع، ووجدت تطبيقاتها الاكثر بشاعة في مجازر العنصرية الهتلرية النازية، ومذابح  الفلانجة الفاشيين الانقلابيين في اسبانيا- فرانكو، وفي صعود او انزلاق زعامات دينية او عسكرية من قاع المجمع السياسي الى عربدة الشوارع واحتراف القتل، وتصنيع اعداء تمريناً لممارسة فنون الاستباحات. 
*الى ذلك عصفت في عصرناعمليات تجنيد الشبيبة المنبوذة في افريقيا وآسيا وعالم العرب ضمن مشاريع الفاشية الدينية الارهابية، للجهاد، من افغانستان حتى نينوى العراق، إذ اطلقت غرائز الهمجية الشنعاء، وجرّت قطيع المتطرفين الى مهرجانات قطع الرقاب، وهوس المقاومة الزائفة، وكيف يتحول التابع الرث، نصف المتعلم، المنجذب الى سيّده، الى قاتل من طراز شرقي أعمى.. محترف.
*وفي بيتنا.. اكرر بيتنا.. وقائع اخبار وصور (وفيديوهات) غزيرة، ومن مصادر مختلفة، توثق آخر نسخة همجية باسم داعش والخلافة المعلنة من جامع النوري في الموصل، ثم كيف اجتاحت مجموعات منفلتة تجمعات المتظاهرين السلميين،  في سبع محافظات عراقية، واطلقت الرصاص الحي عليهم، وقتلت واصابت الالاف منهم، واضرمت النار في خيامهم، وسط تفرج، أو تشجيع، او مشاركة تشكيلات امنية حكومية، عهدت لها مهمة التواطؤ والتفرج.
*هجمات هذه القطعان حملت محددات الهوس الفاشي التقليدية: لا اعرفك، لكني اقتلك بامر الزعيم، المفتي. 
*اما نقيض الفاشية، هنا، كما في كل مكان، فهو الشارع، ابن الدم الطاهر، بكفالة ملايين المنتفضين السلميين، الذين عادوا الى بيوتهم، تحت ظروف الوباء الذي اجتاح العالم، ويعدّون العدة للعودة الى الشوارع والساحات، وابتداع وسائل احتجاج جديدة، حتى تنتصر قضيتهم باستعادة الوطن من مختطفيه، وذلك بحكم منطق الاشياء التي تؤكد ان الاسباب التي ادت الى اشتعال الغضب الملاييني، لا تزال قائمة، في الفساد ونهب الثروة والبطالة وتردي الخدمات والمهانات والاغتيالات والاختطافات والسلاح المنفلت، وفي استمرار وتفاقم غطرسة وخطايا منظومة الحكم الغاشمة.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group