الهروب من الوطن الى المجهول الوجه الآخر لهجرة العراقيين

عبدالستار رمضان

23/11/2021

لا يترك الانسان أهله وبيته ومدينته الا اذا كانت هناك اسباب جدية وحقيقية وظروف صعبة وقاسية تجعله (يهرب) من وطنه، وهو التعبير الادق والاصح من تعابير الهجرة والنزوح واللجوء والتي لكل منها معنى ومركزا قانونياً يختلف عن غيره، لكنها تشترك وتجتمع في معنى واحد هو الهروب من الوطن الى المجهول. 

قوافل الهاربين من العراق ومن اقليم كوردستان لا تختلف وجهاتهم ومقاصدهم عن الهاربين من سوريا واليمن وافغانستان وبعض دول افريقيا والعالم، فهم جميعا لهم هدف ومقصد واحد هو الوصول الى اوربا ودول الغرب، لكن لكل منهم اسبابه الخاصه والتي تجعلهم يركبون الصعاب ويعبرون البحار ويموت البعض منهم غرقاً او برداً على الحدود.  

لذلك فان الاسباب والظروف التي تدفع العراقيين هذه الايام الى ترك وطنهم هي اسباب جديرة بالاهتمام بها ومناقشتها ويجب ان تقوم الحكومة العراقية وحكومة الاقليم بخطوات واجراءات من اجل احتواء ومعالجة هذه المشكلة التي تحولت الى ظاهرة عامة في المجتمع العراقي. 

فلم تعد هوية هؤلاء من مدينة او منطقة معينة، بل انهم يتوزعون على خارطة العراق كما ان اعمارهم مختلفة ومتنوعة من المراهقين والشباب الى الكهول والمسنين بل وصل الحال الى هجرة عوائل كاملة من اخوة واخوات وبنات وازواجهم واطفالهم وبمايشبه الهجرة الجماعية او النزوح الكامل لعوائل واقارب ومن مختلف المهن والتخصصات والمستويات. 
وقد شاركنا في اربيل يوم الخميس 18تشرين الثاني في اجتماع عقدته احدى المنظمات حول الهجرة غير القانونية لمواطني اقليم كوردستان الى الخارج شارك فيه مسؤولون حكوميون واعضاء برلمان وقضاة ومدعين عامين واكاديميون ومحامين وحقوقيين وناشطين مهتمين بهذا الموضوع من مختلف مدن الاقليم والعراق. 

واهم ما تناوله هذا الاجتماع نتائج الاستبيان الذي اجرته احدى المنظمات ل1450 مشاركا من محافظات اربيل ودهوك والسليمانية وحلبجة والذي تضمن العديد من الاسئلة والاجوبة والجداول الاحصائية والبيانات عن المشاركين بالاستبيان واعمارهم وعملهم ومناطق سكناهم واجوبتهم الصريحة والواضحة حول الموضوع. 

ولو اردنا اختصار كل مادار في هذا الاجتماع او المؤتمر وبيان اسباب الهجرة والنزوح واللجوء لامكننا القول، ان الفساد المنتشر في اجهزة الدولة والحكومة والذي وصل الى القطاع والشركات الخاصة اسما والمملوكة لجهات وشخصيات متنفذة، وانعدالة العدالة في توزيع الموارد، وضعف سيادة وتطبيق القانون،  وبطئ خطوات الاصلاح الذي لم تظهر نتائجه وتاثيره الا على الطبقات الفقيرة، وتأخر دفع رواتب الموظفين والبطالة وعدم وجود فرص عمل لآلاف الخريجين والشباب، وركود الاسواق والتجارة والاقتصاد بسبب تدخل السياسين والاحزاب وسيطرتهم على كل شئ، وتخلي الحكومة عن واجباتها الاساسية في توفير الخدمات كالماء والكهرباء والتعليم والصحة، ما خلق شعورا عاما لدى الكثير من المواطنين بانهم غرباء في بلدهم وانه لا مستقبل لهم ولا لاطفالهم وهو ما يدفعهم الى الغربة والهجرة لان الوطن لا يوفر لهم الحد الأدنى من العيش الكريم. 

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group