كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، في تقرير استقصائي موسّع، عن تورّط شركة "كي كارد" العراقية، الشريك الأساسي لمصرف الرافدين في توزيع رواتب ملايين الموظفين الحكوميين، في تهريب ما يقارب ٥٠٠ مليون دولار إلى الخارج عبر طرق مالية غير قانونية، شملت كلاً من الإمارات والأردن وتركيا.
ووفقاً للتقرير، تمثل هذه الأنشطة جزءاً من شبكة أوسع من المخالفات المصرفية داخل العراق، الأمر الذي دفع حكومة إقليم كوردستان إلى إعادة النظر في تعاملاتها المصرفية والتأكيد على ضرورة الاعتماد على مؤسسات مالية خاضعة للرقابة وتتمتع بالشفافية.
التقرير أشار إلى أن علاقة "كي كارد" بمصرف الرافدين فتحت المجال أمام جماعات مسلحة للاستفادة من البطاقات المصرفية بطرق ملتوية، سواء عبر عمليات السحب المباشر أو التلاعب بأجهزة الدفع في بلدان متعددة. وقد ساهمت هذه التجاوزات، بحسب التقرير، في استبعاد كل من "الرافدين" و"كي كارد" من مشروع "حسابي" بسبب مخاوف تتعلق بالنزاهة والامتثال.
وفي واقعة أثارت الانتباه، ألقت السلطات العراقية القبض على أحد المسافرين أثناء محاولته مغادرة البلاد وهو يحمل ١,٢٠٠ بطاقة دفع إلكتروني تحتوي على أرصدة تقدر بـخمسة ملايين دولار، ما اعتُبر دليلاً إضافيًا على وجود شبكات منظّمة لغسيل الأموال وتهريب الدولار.
وفي خطوة لاحقة، تم تعليق أكثر من ٢٠٠ ألف بطاقة صادرة عن "كي كارد" ومصرف الرافدين، بعد ثبوت ارتباطها بجهات مشبوهة. الصحيفة نقلت عن مصادر أن وزارة الخزانة الأميركية تدخلت مباشرة لتعليق استخدام هذه البطاقات، ضمن مساعٍ لوقف عمليات غسل الأموال التي أضرّت باستقرار الدينار العراقي.
التداعيات لم تتوقف عند هذا الحد؛ فقد أدّت الفضيحة إلى تشديد القيود الأميركية على التحويلات بالدولار من عدة بنوك وشركات عراقية، ما أدى إلى تعليق عمل البطاقات المصرفية العراقية في الخارج، متسببًا بأزمة مباشرة للعديد من المسافرين العراقيين.
يُشار إلى أن مصرف الرافدين، الذي تأسس منذ أكثر من سبعة عقود، يُعد من أبرز المصارف الحكومية في العراق. أما "كي كارد"، التي انطلقت عام 2007، فقد شكّلت أحد أعمدة الدفع الإلكتروني في البلاد حتى تفجّرت هذه القضية.
ويأتي هذا التطور وسط محاولات حكومية جادة لإصلاح النظام المالي العراقي، في ظل ضغوط دولية متصاعدة لمكافحة الفساد وتحقيق الشفافية المصرفية.