الثورة المغدورة

د. هاشم حسن التميمي

13/11/2019

لم يخرج بطرا مئات الالاف من الشباب ومعهم فئات من اعمار متعددة حتى الاطفال من مختلف المكونات للشوارع ويواصلون الاحتجاج في ساحات الحرية ليلا ونهارا خرجوا ونزلوا لاخذ حقهم في حياة حرة كريمة وعدهم بها الدستور لكنها لم تر النور.

وبعد مضي اكثر من اربعين يوما دامية قاسية يكاد يخفت صوت الثورة ليس خوفا من الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع والزاهقة للارواح والقنص الغادر الذي قتل اكثر من 300 شاب بعمر الزهور واصاب الالاف وقمع واعتقل اعداداً لا تحصى وليس تصديقا لوعود الرؤساء بل بسبب انانية المجتمع ونخبة المثقفة من المفكرين والادباء والصحفيين والاطباء والمهندسين والموظفين بتصنيفاتهم كافة لم يقدموا الاسناد لثورتهم على الرغم من تضامنهم بالمشاعر لمحاربة الفساد وتغيير نظام الدولة الفاشلة لكن الجميع اثر الراحة والاستجمام وترك ادوات القمع تتفرد في حصار وقتال الشباب العزل ومطاردتهم وثبت ان الوعي الوطني لصاحب التك تك اكثر عمقا من ثقافة الشعراء والصحفيين والاكاديميين وتاكد ان قيمة الافكار اقترانها بالنضال والشجاعة في مواجهة الاستبداد واساليب بطشه وثبت ان لاقيمة لخطابات الشجب والاعراب عن الاسف والقلق ودعوة الفاسدين لتلبية طلبات المحتجين مما زاد في غيهم وظلمهم وكان حلم شهداء الثورة ان يعلن الشعب بكامله الاحتجاج المدني والسلمي المعبر عن الرفض المطلق لنظام الحكم والعمل لاستبداله بحياة دستورية جديدة وكان الامل بصدور فتوى دينية واضحة بحل الحكومة والبرلمان والشروع لتاسيس نظام عادل بعيدا عن كل رموز الفساد والفشل والقصاص منهم لهدر المال العام واستخدام العنف المفرط ضد الشعب المتظاهر سلميا وتشبثهم بالسلطة بكل الوسائل المتوحشة.

لقد غدرنا بثورة الشباب والتي ستبقى نيرانها تحت الرماد وضاعت منا فرصة تاريخية نادرة للتقدم وانقاذ العراق من الاستبداد والجهل وفقدان الارادة والسيادة ولعله من الصعب ان نكررها لكنها ليست مستحيلة اذا لم تشهد البلاد اصلاحات جوهرية وليست ترقيعات تنفضح مع الزمن.. وليس امامنا الا ان نقف اجلالا لرموز هذه الثورة الاصيلة التي لم تسمح للاخرين ان يركبوا موجتها ويتحكموا في بوصلتها التي كانت امينة لعراقيتها ودماء شبابها ونجحت في استعادة روح المواطنة تحت راية واحدة هي راية العراق.

وكشفت ان الشعارات الصادقة اقوى من رصاص القناصين والقنابل المسيلة للدموع وتاكد ان التك تك اقوى من الدبابات والطائرات لانها مزودة بسر الايمان والارادة وروح الشباب التي قد تخسر معركة ما لكنها ستنتصر في نهاية حريها ضد الفساد. وعليها ان تتحمل مرحلة كارثية تترسخ فيها عناصر الفساد وستستعيد كل مكاسبها وتواصل انتقامها من الوطنيين والشرفاء الذين تمردوا وثاروا على الفساد ولكن الى حين لان الحق والقصاص قد يؤجل لكنه لايموت مطلقا.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group