بالرغم من انّ المتظاهرين المنتفضين لا يملكون قوت يومهم أحياناً ، ومسّهم الجوع والرصاص والفقر والمرض والبطالة ، ويقدمون الشهيد تلو الشهيد تحت نيران الطغاة ، الاّ انّهم مشرقون بالأمل متفائلون ، تغار الشمس من وجوههم البهية.
في قلوبهم حب يملأ الكرة الارضية فكيف لو وزعوه في بلادهم.
باتوا مثل اقمار ونجوم تجذب المزيد المزيد كل يوم من شباب العراق للاهتداء بمسيرة التغيير والتصدي للظلم والفساد.
هؤلاء الشباب المسالمون، يميزهم انّهم جميعاً يتمسكون بحقهم في انهم فعلاً أصحاب هذه الارض وكل ما في هذا الوطن ، في حين ينزوي سواهم ممن يملك القوة والمال والسلطة في اماكن محصّنة، بقرارات خارجية، ما تلبث أن تتغير ذات يوم حتماً لتتهاوى القصور مثل علب كارتونية خاوية . ألا يتذكرون كيف سكن في تلك القصور قبلهم مَن هو اعتى منهم قوة وهيبة وجاها ً، ثمّ جرفته الرياح في ليلة وضحاها، فما بال الذين يرفضهم الشعب ويلاحقهم مطالباً باسترداد المليارات المسروقة ومحاكمة القاتلين الذين أهدروا الدماء ، ليس في انتفاضة تشرين فحسب وإنّما في كل السنوات السابقة.
العراقيون يكتشفون خصالاً في نفوسهم لم يتسن لهم أو لدى هذا الجيل الجديد اكتشافها ، فإذا بالعراقي شعلة من المحبة والتضحية والقوة والشجاعة والمعرفة والأمل.
هؤلاء هم العراقيون الذين لا يعرف الامريكان عنهم شيئاً ، حين قال رئيسهم ترامب ذات مرة في مقابلة تلفزيوينة ، “ لا يوجد عراقيون ، هؤلاء مجموعات متناحرة” مَن يريد أن تكون له علاقات ومصالح واستثمارات في العراق مستقبلاً ، ليس أمامه مطلقاً سوى التعامل مع قضية هذا الشعب المنتفض ،ولا أحد سواه ، وليدرك قبل فوات الأوان انّ ما من علاقة أفضل من أن تقام مع هؤلاء السلميين حين تنبثق منهم قيادات لمستقبل البلد.