سؤال إلى الخنساء

طالب سعدون

30/01/2020

فقدت الخنساء اثنين والى اليوم يبكي شعرها ، ويتعاطف معها من يقرأه ، ونحن فقدنا ولا نزال نفقد الكثير ، ولا نعرف متى يتوقف هذا النزف اليومي المتدفق ، وكل واحد لا يقل عن صخر شجاعة ومروءة وكرما وحبا لأخته وأبيه ووطنه الذي يفديه ….
مصائب وفواجع لا تستوعبها الدواوين أما آن لها أن تنتهي .. وكأن ما فات من سنوات قاسية لا يكفي ، من  الحروب والتفجيرات والمفخخات والاف الضحايا التي جعلت أيام الاسبوع العراقي دامية ..
فكلنا صخر وإن لا زلنا أحياء .
بكت الخنساء بحزن وحرقة ، وهي تفتخر وتمدح  ، فاستحقت لقب اشعر الجن والإنس من النابغـة الذبياني ، ونحن نبكـي ونتألـم ، وننزف دما يوميا ونستغيث ، ولا من مجيب …
موت وغياب وفراق ، وقلوب كم بكت وأبكت، وعيون حائرة جفت فيها الدموع .
وسؤال حائر ..  يا سيدة الشعر ..الى متى  يستمرهذا الوجع ، وهذه الفواجع .؟.. ومن غير العراقية تقدمت  عليك بنبضها  الذي  نذرته طوعا للوطن  ؟..
{ { { {
 ضيف تنتظره وآخر تطرده
هناك مذيعو أخبار ومقدمو برامج لهم حضورهم الواضح في الفضائية .. تشعر بأثر غيابهم وترجو لقاءهم ، تنتظر إطلالتهم ، وتحفظ مواعيد قدومهم ..
الفضائية كالصحيفة الورقية ، وكل وسيلة إعلامية تحتاج الى مستلزمات فنية وتقنية تمكينها من الصدور ، لكنها ليست كل شيء ..
 فما أسهل أن توفر للصحيفة والفضائية ما تحتاجه من تلك المستلزمات المادية وأخر مبتكرات التكنلوجيا ما دام المال متوفرا اليوم من مصادر شتى ، ولكن ما أصعب أن تجد  لها صحفيا يضمن لها التميز والنجومية ، وليس النجاح فقط في فضاء مليء بالقنوات وأرض تضج بصحف تتنافس على  القارىء   ..
 والمذيع والمقدم هو لسان القناة الناطق وضيفها الدائم في  البيوت وصلتها المباشرة مع الناس .. تشتاق وتأنس بحضوره أو يكون ثقيلا تتحمله مرة ومرات الى أن تغلق الباب بوجهه بضغطة إصبع على الريموت ، وما أكثر الضيوف الذين يتنافسون على كسب ودك في الفضاء المفتوح اليوم ..
غياب المذيع الناجح الذي نسج علاقة طيبة مع المتلقي يترك فراغا يبحث عمن يملأه ، شرط أن يكون بمستواه أو يزيد .. ولهذا الغياب وقع  وتأثير  يمكن أن  تلاحظه  ببساطة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وردود الفعل بوسائل شتى ،  كما حصل قبل ايام مع رحيل المذيعة في العربية والحدث نجوى قاسم  التي تركت الهندسة وابدعت في الاعلام ، فقد نعتها مؤسسات ووزارات على مستوى العالم من بينها الخارجية الامريكية وشخصيات سياسية واعلامية وثقافية ومواطنون عاديون على مستوى الوطن العربي وكل من عرفها من خلال الشاشة..
يعني ذلك  ببـــساطة ان المذيع الناجح يمكن أن يتحول الى شخصية عامة عالمية ..
كانت تتعامل  مع الحدث بمهنية تنم عن ثقافة واسعة  وإلمام كبير بالخارطة السياسية ، وما يدور من احداث في بقاع مختلفة وبالذات في المنطقة ، يساعدها في ذلك   تراكم الخبرة  والعمل الميداني  في الساحات التي عملت فيها كالعراق وغيره ..
تلك الثقافة والالمام الواسع  يجعل من المذيع ومقدم البرنامج محاورا بارعا  يستطيع أن يخرج من الضيف إجابات لما  يدور في ذهن المشاهد ايضا من أسئلة  ،  فيكون صوته الناطق ، وكأنه في تلك الساحة وليس في الاستوديو، بلغة بسيطة يفهمها الجميع وإصغاء تام يضمن للضيف حقه في تتبع افكاره والمتابع ينشد اليه  دون ملل وكأنه يشارك  في الحوار دون تكرار للجمل والعبارات والصوت العالي ..
والمهنية وحدها لا تكفي إن لم تؤطرها الوطنية والانسانية فقد تتفاجأ بالمذيع وهو يبكي أو يتملكه الحزن  والانـــفعال لموقـــف وطني او انساني اثناء البرنامج ..
باختصار .. المذيع الناجح  يمكن ان يكون مدرسة خاصة مفتوحة وتمريناً حياً أمام الجـــميع في مــــبادىء المهـــنة والالتزام الوطني والانساني واحترام الاخر ..
                   { { { {
كلام مفيد :
أن تحسن لمن أحسن اليك ، الكل يستطيع ذلك ، لكن أن تحسن لمن أساء اليك ، ذلك لا يستطيع فعله إلاّ العظماء … (نجيب محفوظ)

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group