الجماهير تستنجد بالجيش و بالعالم!!

د. مهندالبراك

10/02/2020

تضامَنَ وكُتب وعُلّق الكثير على الانتفاضة السلمية التشرينية البطولية العراقية، في الداخل والخارج، بعد ان اثبتت وتثبّت مطالب عادلة وروحية عالية في الصبر والتضحيات والمنطق العادل، واستطاعت الحصول على نجاحات عديدة من: التأييد الجماهيري المستمر والمتصاعد لها، تأييد المرجعية العليا لها، استقالة رئيس الوزراء عبد المهدي، وانحياز النسبة العالية من البرلمانيين اليها وفق تصريحاتهم العلنية في وسائل الإعلام، بل ووصلت حداً الى تأكيد الرئاسات الثلاث العلني على سعيها لتنفيذ مطالبها المشروعة، رغم دورانها في نفس الفلك الذي اثبت قصوره وفشله في حكم البلاد حتى الآن.

وترى اوسع الاوساط انه لتلك الاسباب تكالبت عليها الكتل الحاكمة وميليشياتها وميليشيات الطرف الثالث، بمختلف اساليب العنف والخديعة والاتهامات الباطلة والرخيصة، بل وتواجهها الآن حتى ميليشيات القوى الاسلامية (المعتدلة) بالسلاح الابيض والرصاص الحي، بإسم الثورة و كأنها هي من صنعت الانتفاضة السلمية السائرة نحو الثورة السلمية.

وترى اوسع الاوساط بأنه رغم التضامن العالي الداخلي والخارجي مع الانتفاضة من جهات كبرى متنوعة، الاّ ان ذلك التضامن بقي محصوراً بالاقوال واعلان الاسف على مايجري من مجازر واعمال دموية وارهابية واسعة تجري بحق المتظاهرين السلميين، استنكرتها الامم المتحدة في بيانها الرسمي قبل يومين.

ويشير مراقبون مستقلون الى الاهمية الكبرى لنداء المرجعية العليا الى الجيش والقوات الأمنية، للقيام بواجبها بحقن الدماء وحماية شباب البلاد السلميين بوجه انواع العنف والفتن والتلوّن ومحاولات ركوب الموجة من كتل وتيارات اسلاموية طائفية كانت حتى الامس مع المتظاهرين، في محاولة انانية بائسة للاعلان عن (تمثيلها و قيادتها هي) للانتفاضة، في رؤية قاصرة لدور الجماهير وعدم ادراك بأن زمن مليونيات بائسي الحياة و الفكر قد انتهى، وان الانتفاضة ايقظت الشعب بمكوناته واجناسه وتسببت بتصدّع تلك الكتل والتيارات ذاتها، وفضحت وتفضح، سارقي قوت الشعب باسم الدين والطائفة.

في وقت تؤكّد اوسع الاوساط المجربة والمتخصصة وذات الخبرة النضالية المشرّفة ضد الدكتاتورية المنهارة، والدكتاتورية التي يسعى اليها مخربون الآن بإسم الدين وباسم (الحق الإلهي)... تؤكّد على ان من الواجبات الاساسية للجيش ووفق الدستور، هي الدفاع عن الدستور وعن سلامة واستقلال البلاد وبالتالي من اجل قيام حكومة انتقالية تعدّ لإنتخابات مبكرة، وفق المطالب الشعبية بإعتبار ان (الشعب مصدر السلطات).

وتدعو اوساط اخرى، الى ان المؤسسة العسكرية في ظروف المجازر الجارية بحق شباب البلاد وغياب الدور الفاعل لرئيس وزراء تصريف الاعمال، وغياب ومراوحة الجديد في مكانه دون تشكيل حكومة جديدة بصلاحيات، في ظروف يتسارع فيها تفاقم الوضع الاقليمي وتصاعد الخلاف الايراني ـ الاميركي المهدد بزجّ البلاد في حرب لاناقة لها فيها ولا جمل، بشعارات براّقة لاتُغني ولا تُسمن.

مدعوة الى قيام واخذ المؤسسة العسكرية صلاحيات فوق العادة لحماية الانتفاضة وحتى استلام مقاليد الحكم بقرار واتفاق اعضاء القيادات العليا او عدد منهم او بأية طريقة أخرى كما يجري في الدول الدستورية اليوم في ظروف مشابهة.. وفق مواد الدستور وروحه ولمدة يجري تحديدها، والسير بكل ما يتطلبه الإعداد والاشراف على الانتخابات المبكرة لقيام حكومة مدنية ستعرقل اجراءها وقيامها الكتل الحاكمة الحالية بشهادة سلوكها المتعجرف وسلوك ميليشياتها الدموي الجاري اللامبالي بتضحيات الشعب المتزايدة ولا بمصيره.. انقاذا للبلاد ولشعبها في هذه الظروف.

والاّ ماهي الصفة القانونية للميليشيات للتدخل المسلح وقتل المتظاهرين من الجنسين الذين وصل عدد شهدائهم حتى الان اكثر من 700 شهيد والجرحى والمعوقون الى اكثر من 30 الف اضافة لضحايا القوات الامنية والمئات من المختطفين والمختطفات؟؟.. ومحاولة السيطرة على التظاهرات في ظروف تُعاق و تُعزلً فيها القوات الامنية عن قيامها بواجباتها وتجريدها من السلاح الضروري لحماية المتظاهرين.

في وقت لاتدرك فيه الاحزاب والكتل الحاكمة التي داست على الدستور باقدامها، ان الوطن يعيش مرحلة تحوّل وطيّ صفحة الماضي.. بسبب تزايد الفقر والآلام وتزايد الوعي الذي اطلقته الانتفاضة وسقوط (المقدّس الديني كطريقة حكم) الذي  برايته سُرق الوطن من حكام فاسدين لايؤمنوا الاّ بمصالحهم الأنانية..

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group