نجحت وبامتياز!

د.علي شمخي

29/02/2020

إلذين تساورهم الشكوك في تظاهرات العراق والذين ينتابهم القلق حول جدية هذا الحراك في الوصول إلى مبتغاه فاتهم أن الملايين التي خرجت وقالت كلمتها بصوت عال نجحت منذ أول تظاهرة في تحريك مكامن الوعي لدى شرائح واسعة من المجتمع العراقي أهمها شريحة الطلبة والشباب الذين يتصدرون مشهد الاحتجاجات تحت كل الظروف حيث يتنامى الوعي ويتعمق الارتباط بعناوين الوطنية وحينما قال المرجع السيستاني ان العراق ماقبل تظاهرات تشرين يختلف عن مابعده فإنه كان مدركا لحركة الوعي الجماهيري والتطلعات الوطنية التي يحملها هؤلاء الشباب وهم يطالبون بوطن جديد معافى حر وغير مرتهن أو اسير لدى حفنة من السياسيين الفاشلين ومن بين اهم انجازات هذه الانتفاضة الشعبية أنها حققت قفزة نوعية في طريقة التفكير لدى شباب العراق في معالجة مايعانيه المجتمع من مشكلاته تسبب بها الاداء السيء والفساد للطبقة السياسية الحاكمة وأصبح هؤلاء الشباب لأول مرة يتحدثون عن هموم مشتركة ترتبط بالانسانية والوطنية وشهدنا على نطاق واسع أيضا رفضا ونبذا لعناوين حزبية ورفضا شجاعا للاخفاق والفشل في جانب السلطة ومهما كانت الانتقادات الموجهة لهذه التظاهرات واتهام البعض لها بأنها جاوزت بعض حدود اهدافها واتهام البعض الاخر باختراقها من قبل مندسين أو خارجيين فان الحقيقة الساطعة هي تميزها بالسلمية والوطنية ورفضها للهيمنة بكل اشكالها وايمان شبابها بالوصول إلى الأهداف مهما كانت التضحيات ومن خلال دراسة التجارب التاريخية لامم وشعوب مارست حقها في الدعوة إلى الاصلاح والتغيير يمكن استنباط نتيجة مهمة مفادها أن الوصول إلى وعي تام ورأي عام جمعي يلتقي عند أهداف محددة ليس بالشيء اليسير وان النضج الوطني الكامل هو في الحقيقة وعي متنام ووعي تراكمي يتطلب صبرا وارادة وان مايجري في العراق هو صحوة وطنية يراد لها ان تتسع وتشمل كل فئات المجتمع من اجل ان يتحقق التضامن والتكامل وان هذا الحراك الشعبي السلمي هو الوعاء المناسب كي يلتقي عنده العراقيون للتعبير عن امالهم لرؤية واقع جديد وفرصة مناسبة أيضا للتعبير عن الاحتجاج للنهج الذي ادارت فيه طبقة سياسية متواضعة مؤسسات البلاد وتسببت بتراجع واسع على مستوى الخدمات واهدرت الفرص المتتالية في تحقيق التنمية وتعمير المدن وصون كرامة الانسان واحترام ارادته في التغيير.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group