المُغيرون على الانتفاضة ومأزق "النوايا الحسَنة"

عبد المنعم الاعسم

17/04/2020
حققتْ انتفاضة تشرين، ما لم يحققه الحراك الاحتجاجي، الاصلاحي، طوال عقد ونصف من تغوّل وعربدة احزاب وزعامات سلطة ما بعد الدكتاتورية، وجعلت منها حفنة منبوذة، متصارعة، عاجزة عن فرض حكومة، ولو بنصف محاصصة، بل وصارت هذه الحفنة تقبل ب"حاكم"لا ينحدر من ضلعها، او من اتباعها، بأمل و(شرط) انْ يؤمّن لها إلتقاط الأنفاس واتقاء الحِساب، والحيلولة دون انهيار ما تبقى من دولة "العملية السياسية" المنخورة.
اقول، هذا ما حققه شباب الانتفاضة التشرينية، حيث وضعوا المشهد الجديد لحال العراق، وبكل معادلاته، بين يدي قوى وفئات واصحاب وانصار دولة المواطنة، ليكمّلوا عملية التغيير، بوحدة الصف والارادة، لكن غالبية هذه المسميات انتقلت، بدلا من ذلك، الى منصة المراقبة السلبية والشكوى والبحث عن "أسلاب" تتركها القوى المهزومة، فيما اضاع تجمع النقابات والاتحادات(مثلا) مبادرته الوطنية الخلاقة المبكرة طي الذاتيات والمزايدات والاحباط، ولم تحرك دماء الفتيان المنتفضين الغزيرة التي سفكتها السلطة ومجاميعها شعور المسوؤولية لدى هذه القوى باتجاه الفعل الرديف للانتفاضة، وبقي خطابها يزاول رطانات ال (نعم، ولكن).
وفي غضون ذلك ضجت بعض صفحات التواصل الاجتماعي ، ونوافذ جديدة انضمت لحشد التشكيك و"التحبيط" في كتابات ل"مثقفين"تبحث في ملابس المنتفضين عن ثقوب تستخدمها في تمارين "تشكيكية"تتسم بالنذالة والغل، بعنوان (حق المراجعة) في حين تفضح نفسها حين تجزئ كارثة البلاد في الفساد والمحاصصة ومذابح ساحات الاحتجاج بين الضحية والقاتل.
ان المغيرين على الانتفاضة من اصحاب النوايا الحسنة خسروا رهانهم على انضمام وباء كورونا لحملتهم الفاشلة.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group