إعمار مدينة عمرها قرون

فاتح عبد السلام

12/07/2020

الموصل بنيت عبر قرون وأقوام وأجيال عدة، وجرى تدميرها في معركة تحريرها التي أنجزتها القوات العراقية والتحالف الدولي قبل ثلاث سنوات، وتلك أولى علامات التفكير الواجبة في النظر الى أي أفق زمني لاعمارها. التضحيات كانت كبيرة جداً من أهالي المدينة وجثث بعضهم لم تخرج حتى اللحظة من تحت الانقاض، وكذلك تضحيات الجيش والتشكيلات الأخرى. منذ ذلك الحين، تظهر في الافق، السياسي وليس العملي، أحاديث عن إعادة اعمار وإزالة اثار الحرب، لكن المنجز ضئيل ولا يكاد يرى في الجانب الايمن والبلدة القديمة.

المسألة ليست بهذه السهولة التي يتم فيها الدعوة لإعادة الاعمار، كما انَّ العملية ليست -فزعة عرب- ولا مشاريع بحسب المتيسر بالموازنة والانجاز المبعثر، كلّ ذلك لن يعيد بناء أهم حواضر الشرق الأوسط على مدى قرنين، لاسيما ان الاتهامات المتبادلة حول تقاسم الظاهر والباطن من المشاريع وما يتخلل ذلك من فساد ومحسوبيات ، وهذا موضوع لا ينتهي على نحو مقبول مهما طال الحديث حوله.

اذن ما هو الحل؟
لايمكن اعادة بناء مدينة عمرها قرون من خلال اجتهادات ومناقصات ومزايدات في داخل المحافظة. القضية اكبر كثيرا ولابد من توفير جهد عظيم من الدولة العراقية وتبني عقد  مؤتمر دولي يتولى تخصيص موازنة للبناء والاستثمار في المدينة في اطار سياقات من المراقبة والضمانات والتنفيذ المباشر من الشركات العالمية لحماية المشاريع من الفساد. كما انّه لابدّ من عقد مؤتمر كبير يشترك فيه متخصصون في الهندسة والتاريخ والثقافة والفن والخدمات الطبية وسواها لتدارس خطة تصميم المدينة بحسب اعادة الاعمار.

هذه مسؤولية جيل في رسم ملامح مدينة عراقية، ارتكب الحمقى جريمة تسليمها للارهاب لقمة سائغة وعدم الاضطلاع بشرف المسؤولية في الدفاع عنها، قبل أن يتبارى أبناء العراق الغيارى تحت الغطاء الجوي الامريكي، بعد ثلاث سنوات في تقديم التضحيات من أجل استعادتها، ولكن الوضع لايزال سيئاً وافق الامل ضيقاً.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group