وساطة الكاظمي بين إيران والسعودية.. تأشيرات استباقية

عبد المنعم الاعسم

19/07/2020

*وساطة رؤساء الحكومات العراقية السابقة بين ايران والسعودية، فشلت إلّا في مهمة حمل الرسائل، ولم تكن محاولاتهم المكوكية لتنجح في تحقيق الحد الادنى من التهدئة واجواء الثقة، فيما كانت نيات الوسيط العراقي مشكوك في سلامتها لدى هذا الطرف أو ذاك، فقد نظرت الرياض الى المالكي وعبدالمهدي كمتحيّزين لايران، فيما كانت الاخيرة تتشكك في صدقية العبادي ان يكون وسيطا مناسبا.
*من زاوية مقربة للعناصر الجديدة في وساطة مصطفى الكاظمي قيد التحرك، فان المحلل الموضوعي لا يمكنه ان يُسقط النجاح المبكر الذي ارتبط باسمه بعد ساعات من تكليفه وأعني القرار الامريكي بتمديد الترخيص للعراق ليتزود بالطاقة الايرانية الخاضعة للعقوبات، كما لا ينبغي إغفال حاجة ايران، وهي تعاني من مصاعب اقتصادية خانقة، الى تفكيك القناة الخليجية للحصار، كما حاجة السعودية الى درء الاخطار الامنية التي تهددها من اليمن الحوثية، وحاجتهما معا الى ان تكون الساحة العراقية غرفة اتصالات تتولى ضبط ادارة فروض التهدئة في مرحلة تتسم بالاضطرابات.
*الارضية التي تتحرك عليها مبادرة الكاظمي هشة اذا ما اخذنا بالاعتبار بان ثمة شرطين لنجاح الوسيط في النزاعات بين الدول، الاول، ثقله على الارض، وقوة تأثيره على المتنازعين وتشجيعهما على الاقتراب من نقطة يمكن التحرك منها الى مشارف التسوية، والثاني، مصداقيته المترسخة في مواقف بائنة، وحياديته بين الطرفين المتنازعين، وأمانته في نقل الافكار والمقترحات، بما يخفف التوتر ويسهّل عملية استعادة الثقة بينهما في نهاية الامر.
*الحديث عن مصلحة العراق في ان يحل السلام والاتفاق بين السعودية وايران يستند الى الواقع الملموس، وتجارب المنطقة، فقد مرّ كل من لبنان وسوريا طوال عقدي السبعينات والثمانينات في عصرهما الذهبي حين كانت ايران ودول الخليج تتعايش على اراضهما، فيما دفعت الدولتان ضريبة باهضة من التمزق المجتمعي والاقتصادي والامني على خلفية الحروب، متعددة الاشكال بين الجانبين.
*مشكلة الوساطة العراقية بين ايران والسعودية تتمثل دائما في تحازب شرائح طائفية محلية لهذا الطرف أو ذاك، وترى ان الضمانة لمصالحها ونفوذها السياسي تتحقق في استمرار اجواء الاحتراب بين البلدين، فيما تستقوي هذه الشرائح بظهيرها الايراني أو الخليجي في الصراع على السلطة والنفوذ، الامر الذي يُعدّ احد العوائق الجديدة-القديمة امام وساطة الكاظمي، وفرص انهاء التوتر بين الجارين، أخذا بالاعتبار ثِقَل هذه الجماعات في فريق الكاظمي وسلطة القرار.

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group