جغرافية مستفزة ..!!

د.علي شمخي

30/07/2020

الحدود البرية للعراق مع دول الجوار فرضت احداثا تاريخية منذ نشوء التجمعات الانسانية وتشكل الحضارات والدول في البلدان المحيطة به ومنذ قرون عديدة شهدت هذه الرقعة من الجغرافية في الشرق الاوسط انهيارحضارات ودول وانظمة سياسية مختلفة تحت وطاة الغزوات والحروب وقبل ان ينبري المؤرخون والمحللون في تفسير الأحداث التي مرت هذه الرقعة الجغرافية ينبغي قراءة التاريخ السياسي للعلاقات العراقية مع دول الجوار بعين فاحصة تاخذ بنظر الاعتبار الجوار الجغرافي للامة العراقية التي تشكلت في بلاد مابين النهرين وقد تعاملت الانظمة السياسية المتعاقبة في العراق مع دول الجوار وفقا لايدلوجيات هذه الانظمة التي يؤمن بها قادتها وقد اثبتت الاحداث ان النظر بتوازن وحكمة وعقلانية وتفهم للواقع السياسي والاقتصادي والامني المرتبط بالموقع الجغرافي للعراق هو السبيل الوحيد لانقاذ الامة العراقية من براثن الاطماع الخارجية وابعاد شبح الحروب عنه وتبديد الهواجس والمخاوف على مستقبل هذه البلاد وفي قراءة سريعة للتاريخ الحديث والمعاصر يمكن ايجاد مقارنات حقيقة لما فعلته الأنظمة السياسية التي حكمت العراق في حقب مختلفة ويمكننا ايضا التعرف على مساحات النجاح والفشل في ملف العلاقات الخارجية للعراق فهناك ثمة قادة ووزراء خارجية تعاملوا بحرفية ومهنية وواقعية في هذا الملف المعقد وهناك من تعامل بجهل وانطلق من عقد نفسية مريضة جلبت للعراق الويلات وجعلت من ابناء هذه البلاد وقودا في محارق الحروب العبثية وقد ان الاوان للحديث بصراحة مع الاصدقاء والاعداء عن الضرورات التاريخية والجغرافية التي تتحكم وتؤثر في مسارات علاقات العراق مع جيرانه ومن دون هذه الصراحة ستبقى التجاذبات الساسية قائمة على اسس طائفية ومناطقية . وفئوية وحزبية وهي جميعها اسس قاصرة لن يجني منها العراقيون سوى المزيد من الخسارات ..فالجغرافية المستفزة هنا قائمة تفرض جوارا ابديا وليس وقتيا ولايمكن وقف تاثيراتها على المشهد العراقي وتقول لنا بوضوح ان هذه البلاد يجب ان تبقى نقطة توازن بين الفرقاء من حولها ونقطة تلاقي بين الاقطاب الدولية المتنافرة وان التوازن يتطلب مهارة سياسية فائقة تاخذ بنظر الاعتبار مصالح الامة وتحترم الخصوصيات ولاتفرض الخيارات الفردية ومتى ماعثرنا على قادة وزعماء ووزراء يتحلون بالحصافة والحنكة والمهارة وقادرين على تحويل هذه التنوع والاختلاف في الرؤى السياسية الى عناصر ايجابية تمنح النظام السياسي القوة والقدرة على الحركة من دون قيود خارجية وبما يضمن عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل دولة سنطمئن على حاضر ومستقبل العراق

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group