أطلقوا المصانع الحكومية من أقفاص الأسر

ابراهيم المشهداني

13/10/2020

كلنا يعرف ان الصناعة في أي بلد تلعب دورافاعلا في تطوير القطاعات الاقتصادية الأخرى حيث ترتبط بعلاقات عضوية مع تلك القطاعات، فضلا عن انها تشكل مصدرا مهما لتمويل ليس فقط الشركات الصناعية والمصانع وتحقق اكتفاء ذاتيا وفائض قيمة لتمويل خزينة الدولة، بل والاسهامالمميز في الإنتاج المحلي الاجمالي.
ونعرف ايضا ان المد الصناعي كان يسهم بنسبة 60 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في فترة السبعينات من القرن الماضي، لكن الصناعة تعرضت في الثمانينات لانتكاسات كبيرة نتيجة الحرب العراقية الإيرانية وفترة الحصار.  ففي عام 1987 لجأ نظام صدام حسين لخصخصة 67 مشروعا انتاجيا بين نسيجية وانشائية وغذائية وخشب مضغوط وعرضها للبيع لما يسمى وقتذاك بأصدقاء الرئيس والسبب في ذلك ليس اتجاها لاقتصاد السوق ولكن بسبب الأزمة المالية وقتذاك.
كما يعرف الجميع ان الامريكان المحتلين قد ختموا الصناعة العراقية بالشمع الاحمر عبر سلسلة من التشريعات أصدرها الحاكم الاداري الامريكي بوضع 169 شركة ومصنع في قائمة الخصخصة وإطلاق حرية حركة رؤوس الأموال وفتح الحدود لاستيراد السلع الأجنبية، وهو يدرك تماما عدم وجود بضائع جاهزة للتصدير باستثناء النفط، وكل ذلك تطبيقا لنهج الليبرالية الجديدة بهدف صناعة لوحة طبقية جديدة من الطفيلين والكامبرادور والبيروقراطية الادارية وهذا ما حصل على ارض الواقع.
ان الاهمال المتعمد للمشاريع الحكومية لم يقتصر على اجراءات الاحتلال فقط  بل وايضا  بسبب تدخل دول الجوار عبر مواليها  مستغلين بوحشية دمار البنى التحية في القطاع الصناعي بجانبيه  العام والخاص، حيث ان  80 في المائة من مشاريع القطاع الخاص معطلة فضلا عن توقف 140 مشروعا حكوميا من مجموع 227 عن العمل حتى منتصف عام 2019  وفقا لتصريح  الناطق باسم وزارة الصناعة،مما ترتب على ذلك انتشار البطالة بما تزيد عن 19 في المائة من اجمالي اليد العاملة في العراق وخسائر كبيرة في الخبرات والمهارات الصناعية وتحول السوق العراقية الى جاذب للمنتجات الاجنبية ودول الجوار وتحميل نفقات  المشاريع الحكومية المتردية على خزينة الدولة كرواتب ونفقات جارية بعد ان كانت ممولة ذاتيا، وعلى سبيل المثال ان عدد العاملين في القطاع الصناعي العام اكثر من 182 الف منتسب بلغت رواتبهم للفترة من 2003الى 2011 بحدود 13تريليون دينار دون ان يكون لهم دور ملموس في الانتاج المحلي الاجمالي بالإضافة الى توجه الصناعيين المشهود لهم بالخبرة  الى قطاع التجارة.
اننا نرى ان تنشيط المشاريع الحكومية واعادة مفاعيلها كما كانت في عهد ازدهارها،تتطلب من اصحاب القرار نظرة واقعية لتحقيق التوازن بين القطاعات الاقتصادية بما تمتلك من امكانيات وخبرات لا تضاهيها القطاعات الاخرى وفي هذا المجال نرى ما يلي:
1. اعادة النظر بتدوير الحياة للمصانع العملاقة التي تضاهي المنتج الاجنبي ومنها على سبيل المثال مصنع الحديد والصلب ومعمل البتروكيمياويات والاسمدة والغزل والنسيج والجلود والسمنت ومعامل الزيوت ومعمل الادوية في سامراء ومعامل كبريت المشراق وغيرها ورفع القدرة التنافسية لها وحماية منتوجها من سياسة الاغراق.
2. وفيما يتعلق بالمشاريع الخاسرة من الممكن اتباع صيغ المشاركة والحذر من السقوط في فخ التعاقدات المجحفة كما حصل في العديد من التجارب العالمية خصوصا مع وجود ادارات فاشلة في الاداء من الناحيتين الادارية والقانونية وغارقة بالفساد.
3. اعادة النظر بالتشريعات الناظمة للإنتاج الصناعي والتي تهتم بظروف العمل والحياة الاجتماعية للعاملين ولاسيما القوانين الخاصة بالضمان الاجتماعي والصحي.

ترددات نوا

Copyright © 2017 - Radio Nawa. Designed and Developed by Avesta Group